للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي عياض: «ويحتمل أن معاوية لم يبلغه هذه السُنة إنما يرى إنكاره لها» (١).

قال النووي: «وهذه الأحاديث التي ذكرها مسلم تدل على أن ابن عمر وابن عباس لم يكن بلغهما حديث النهي عن التفاضل في غير النسيئة, فلما بلغهما رجعا إليه» (٢).

- ثالثاً: أن من قال بجواز ربا الفضل -كمعاوية - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة- قال ذلك متأولاً أن الربا لا يحرم إلا في النسيئة.

قال القاضي عياض: «ويحتمل أنه -أي: معاوية- تأوَّل أن النهى فى المصكوك والذى فى منعه من التجارة به والحرص على اقتنائه مصلحة للمسلمين، إذ به التعامل وهو قيم المتعلقات، فإذا كان مملوكاً كان كسائر العروض» (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «من المعلوم أن الذين استحلوا النبيذ المتنازع فيه من السلف والذين استحلوا الدرهم بالدرهمين من السلف أكثر وأجل قدراً من هؤلاء، فإن ابن عباس ومعاوية وغيرهما رخصوا في الدرهم بالدرهمين, وكانوا متأولين أن الربا لا يحرم إلا في النساء, لا في اليد باليد» (٤).

وقال في موطن آخر: «ثم إن الذين بلغهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما الربا في النسيئة، فاستحلوا بيع الصاعين بالصاع، يدا بيد؛ مثل: ابن عباس - رضي الله عنه - وأصحابه: أبي الشعثاء، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وغيرهم من أعيان المكيين الذين هم من صفوة الأمة علما وعملا، لا يحل لمسلم أن يعتقد أن أحدا منهم بعينه، أو من قلده بحيث يجوز تقليده؛ تبلغهم لعنة آكل الربا، لأنهم فعلوا ذلك متأولين تأويلا سائغا في الجملة» (٥).


(١) إكمال المعلم (٥/ ٢٦٨).
(٢) شرح صحيح مسلم (١١/ ٢٤).
(٣) إكمال المعلم (٥/ ٢٦٩)، وإكمال إكمال المعلم للأبي المالكي (٤/ ٢٦٨).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٢/ ٢٣٨).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٦٣)

<<  <   >  >>