للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثني عمر بن شبة، قال: زعموا أن رجلا من عبد القيس كان مع زياد لما وفد على معاوية، فقال لزياد: إن لابن عامر عندي يدا، فإن أذنت لي أتيته، قال: على أن تحدثني ما يجري بينك وبينه، قال: نعم، فأذن له فأتاه، فقال له ابن عامر: هيه هيه! وابن سمية يقبح آثاري، ويعرض بعمالي! لقد هممت أن آتي بقسامة من قريش يحلفون أن أبا سفيان لم ير سمية، قال: فلما رجع سأله زياد، فأبى أن يخبره، فلم يدعه حتى أخبره، فأخبر ذلك زياد معاوية، فقال معاوية لحاجبه: إذا جاء ابن عامر فاضرب وجه دابته عن أقصى الأبواب، ففعل ذلك به، فأتى ابن عامر يزيد، فشكا إليه ذلك، فقال له: هل ذكرت زيادا؟ قال: نعم، فركب معه يزيد حتى أدخله، فلما نظر إليه معاوية قام فدخل، فقال يزيد لابن عامر: اجلس فكم عسى أن تقعد في البيت عن مجلسه! فلما أطالا خرج معاوية وفي يده قضيب يضرب به الأبواب، ويتمثل:

لنا سياق ولكم سياق ... قد علمت ذلكم الرفاق

ثم قعد فقال: يا ابن عامر، أنت القائل في زياد ما قلت؟! أما والله لقد علمت العرب أني كنت أعزها في الجاهلية، وأن الإسلام لم يزدني إلا عزا، وأني لم أتكثر بزياد من قلة، ولم أتعزز به من ذلة، ولكن عرفت حقا له فوضعته موضعه، فقال: يا أمير المؤمنين، نرجع إلى ما يحب زياد، قال: إذا نرجع إلى ما تحب، فخرج ابن عامر إلى زياد فترضاه» (١).

وحاصل التهمة التي نُسبت إلى معاوية هنا: أنه باستلحاقه زياد بن عبيد إلى أبيه قد خالف أحكام الإسلام، فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر» (٢).


(١) تاريخ الطبري (٥/ ٢١٤).
(٢) إسناده حسن: أخرجه أبو داود (٢٢٧٤)، وهذا سند حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب، عن أبيه.

وقال عنه الألباني في صحيح أبي داود (الأم- ٧/ ٤٥): "حسن صحيح".

<<  <   >  >>