للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام النووي - مُعلِّقاً على هذا الخبر-: «فمعنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة، وذلك أن زيادا هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان، ويُقال فيه: زياد بن أبيه، ويقال: زياد بن أمه، وهو أخو أبي بكرة لأمه، وكان يعرف بزياد بن عبيد الثقفي، ثم ادعاه معاوية بن أبي سفيان وألحقه بأبيه أبي سفيان، وصار من جملة أصحابه بعد أن كان من أصحاب علي بن أبي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة: ما هذا الذي صنعتم؟ وكان أبو بكرة - رضي الله عنه - ممن أنكر ذلك، وهجر بسببه زيادا، وحلف أن لا يكلمه أبدا، ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام، أو يكون مراده بقوله ما هذا الذي صنعتم؛ أي: ما هذا الذي جرى من أخيك؟! ما أقبحه! وأعظم عقوبته! فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم على فاعله الجنة» (١).

ويزيد هذا الأمر تأكيدا: ما ورد عن أبي إسحاق السبيعي قال: «لما قدم زيادٌ الكوفة قال: قد جئتكم في أمر ما طلبته الا إليكم، قالوا: ادعنا إلى ما شئت، قال: تلحقون نسبي بمعاوية، قالوا: أما بشهادة الزور فلا، فأتى البصرة، فشهد له رجل» (٢).

ولذلك قال أبو نعيم في ترجمته: «زياد بن سمية، ادَّعى أبا سفيان فنُسب إليه» (٣).

وبذلك تبرأ ساحة معاوية - رضي الله عنه - من هذه التهمة. والله أعلم (٤).

وختاماً:


(١) شرح صحيح مسلم (٢/ ٥٣).
(٢) في إسناده ضعف: أخرجه الطبري في تاريخه (٥/ ٢١٥)، وفي سنده عمرو بن هاشم، ليِّن الحديث، كما في التقريب (٥١٢٦).
(٣) معرفة الصحابة (٣/ ١٢١٧).
(٤) انظر للمزيد في هذه المسألة: مرويات خلافة معاوية (ص: ٢٩٩ - ٣٠٦)، معاوية بن أبي سفيان، كشف شبهات ورد مفتريات (ص: ٢٦٤ - ٢٦٧).

<<  <   >  >>