للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم وجدتُ عثمان الدارميَّ قد رجَّح هذا الاحتمال الأخير؛ فقال: «كان معاويةُ معروفاً بقلَّة الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولو شاء لأكثر، إلا أنه كان يتقي ذلك, ويتقدَّم إلى الناس ينهاهم عن الإكثار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , حتى إنه كان ليقول: اتقوا من الروايات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان يُذكر منها في زمن عمر , فإنَّ عمر كان يُخوِّف الناس في الله تعالى» (١). فالحمد لله على توفيقه.

ومع ذا: فقد روى معاويةُ - رضي الله عنه - قدراً لا بأس به من الأحاديث.

قال النوويُّ: «رُوي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة حديث وثلاثة وستون حديثا (٢)، اتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة.

رَوَى عنه من الصحابة: ابن عباس، وأبو الدرداء، وجرير بن عبد الله، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري، والسائب بن يزيد، وأبو أمامة بن سهل. ومن التابعين: ابن المسيب، وحميد بن عبد الرحمن، وغيرهما» (٣).

ولذا قال ابنُ كثيرٍ: «ورَوَى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديثَ كثيرة، في الصحيحين، وغيرهما من السنن، والمسانيد، ورَوَى عنه جماعة من الصحابة والتابعين» (٤).

وأمَّا ابنُ الوزير اليماني فله إحصاءٌ آخر لأحاديثَ معاوية - رضي الله عنه -، من خلال الكتب الستة، ومسند أحمد؛ فقال: «وبعد هذه القواعد أذكرُ لك ما يصدِّقها من بيان أحاديث معاوية التي في الكتب الستة لتعرف ثلاثة أشياء: عدم انفراده فيما رَوَى، وقِلَّةَ ذلك، وعَدَمَ نكارته.


(١) الرد على بشر المريسي (٢/ ٦٣٢).
(٢) وممن قرر هذا العدد قبل النووي: ابن حزم، وذلك في رسالته: أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد (ص: ٣٥).
(٣) تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ١٠٢ - ١٠٣)، وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص: ١٤٨).
(٤) البداية والنهاية (١١/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>