للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الكتاب السادس والعشرون] : كتاب الحدود

[الباب الأول] : باب حد الزاني

إن كان بكرًا حرًّا جلد مائة جلدة١، وبعد الجلد يغرَّب عامًا٢، وإن كان ثيبًا جلد كما يجلد البكر٣، ثم يرجم حتى يموت٤، ويكفي إقراره مرة، وما ورد من التكرار في وقائع الأعيان فلقصد الاستثبات٥.


١ لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] .
٢ للحديث الذي أخرجه البخاري "١٢/ ١٥٦ رقم ٦٨٣٣" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه".
٣ للحديث الذي أخرجه مسلم "٣/ ١٣١٦ رقم ١٢/ ١٦٩٠" وغيره عن عبادة بن الصامت. قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم".
والظاهر عند أنه يجوز للإمام أن يجمع بين الجلد والرجم، ويستحب له أن يقتصر على الرجم؛ لاقتصار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرجم، والحكمة في ذلك أن الرجم عقوبة تأتي على النفس فأصل الرجم المطلوب حاصل به، والجلد زيادة عقوبة رخص في تركها، فهذا وجه الاقتصار على الرجم عندي والله أعلم.
٤ للحديث الذي أخرجه البخاري "١٢/ ١٣٥ رقم ٦٨٢٤" ومسلم "٣/ ١٣٢٠ رقم ١٩/ ١٦٩٣". عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك"؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان" قال: نعم. قال: فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم، ولحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم.
٥ لأن أخذ المقر بإقرار هو الثابت في الشريعة؛ لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المتقدم في هامش "ص١٨٠" وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإقرار من المرأة الزانية مرة واحدة. وللحديث الذي أخرجه مسلم "٣/ ١٣٢٣ رقم ٢٣/ ١٦٩٥" عن بريدة وقد اكتفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإقرار الغامدية مرة واحدة.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "٦/ ٦٣١ رقم ٣٦٣٥" ومسلم "٣/ ١٣٢٦ رقم ٢٦/ ١٦٩٩" عن ابن عمر "وقد اكتفى صلى الله لعيه وسلم بإقرار اليهودي واليهودية مرة واحدة". وتحمل الأحاديث التي فيها التراضي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبسًا في ثبوت العقل وعدمه والصحو والسكر ونحو ذلك. وأما سكوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قضية ماعز حتى أقر أربعًا، كما في الهامش السابق "٤": فليس فيها أن ذلك شرط. بل غاية ما فيها أن الإمام إذا تثبت في بعض الأموال حتى يقع الإقرار مرات كان له ذلك. وانظر الهامش "ص١٩٧".

<<  <   >  >>