النعي: هو الإخبار بموت الميت. قلتُ: نعي الجاهلية هو النعي المحرم؛ وهو أن العرب إذا مات منهم شريف، أو قُتِل بعثوا راكبًا إلى القبائل ينعاه إليهم، يقول: نعاء فلانًا، أو يا نعاء العرب؛ أي هلك فلان، أو هلكت العرب بموت فلان. قلتُ: أما إعلان الوفاة فجائز إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك. انظر هامش "ص٧٨". وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: ١١٨٨- البغا" ومسلم "٢/ ٦٥٦ رقم ٩٥١" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه؛ خرج إلى المصلى، فصفَّ بهم، وكبر أربعًا". ٢ للحديث الذي أخرجه البخاري "٣/ ١٦٠ رقم ١٢٩١" ومسلم "٢/ ٦٤٣ رقم ٩٣٣" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من نيح عليه يعذب بما نيح عليه". وللحديث الذي أخرجه مسلم "٢/ ٦٤٤ رقم ٢٩/ ٩٣٤" عن أبي مالك الأشعري قال: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". الاستسقاء بالنجوم: يعني اعتقادهم نزول المطر بسقوط نجم في المغرب مع الفجر، وطلوع آخر يقابله من المشرق، كما كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا. درع من جرب: يعني يسلط على أعضائها الجرب والحكة بحيث يغطي بدنها تغطية الدرع، وهو القميص. ٣ للحديث الذي أخرجه البخاري "٣/ ١٦٣ رقم ١٢٩٤" ومسلم "١/ ٩٩ رقم ١٠٣" وغيرهما. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية". قلت: ومن البدع: رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة؛ لقول قيس بن عباد: "كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرهون رفع الصوت عند الجنائز" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى"٤/ ٧٤" بسند رجاله ثقات، ولأن فيه تشبهًا بالنصارى؛ فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين ... قال الإمام النووي في الأذكار "٤/ ١٨٣- مع الفتوحات الربانية": "واعلم أن الصواب المختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه. فقد قال: أبو علي الفضل بن عياض رضي الله عنه، ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين -ثم يشير إلى قول قيس بن عباد- وأما ما يفعله الجهلة من القراء على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بإجماع العلماء...." اهـ.