الْبلَاء إِلَى حصن يعرف بعفربلا وسع الْخَوْف مِنْهُ مَا هُوَ ضيق وَتعلق بِالْحَيَاةِ مِنْهُم من هُوَ بِهِ مُتَعَلق وَلم تَنْصَرِف صُدُور الْخَيل دون أَن اعتقلتهم فِي سجنه وألزمتهم بِهِ فصاروا قرطا فِي أُذُنه وَكَانَ الْيَوْم من الْأَيَّام الَّتِي اضطرمت فِيهَا نيران الْجَحِيم ارتياحا لمن قدمهَا من أَرْوَاح الْكفَّار
وَكَانَ قَائِم الظهيرة فِي الْغَوْر قد منع من استتمام عودة المغار ومورد المَاء بعيد من غَرِيمه والري وَلَو أَنه من حميم أحب إِلَى الْمَرْء من حميمه فمالت الْجنُود إِلَى المناهل مُتَفَرِّقَة عَلَيْهَا ومنصرفة إِلَيْهَا وحافة بهَا من حواليها وأذعن الْكفَّار بالحصر والتفادي من الإصحار والاعتماد على المطاولة والأضجار والاستعصام بِمَا لَا يُطَاق من أنفاس الهجير الْحرار
وَبَات الْخَادِم والمسلمون على الْحصن الْمَذْكُور الَّذِي يَأْتُوا بِهِ نازلين قد حققوا من أَحْوَال اللِّقَاء مَا كَانُوا بِهِ جاهلين وَفعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِه النّوبَة مَا عواقبه مسفرة عَن المُرَاد ودلائله مُحَققَة لقَوْله تَعَالَى {لَا يغرنك تقلب الَّذين كفرُوا فِي الْبِلَاد} وَأَن الْكفْر مذ قَامَ قائمه وَالشَّام مذ حلّه ظالمه لم يعبر أحد من وُلَاة الْأَمر هَذَا الْحَد إِلَّا على حِين غَفلَة من أَهله وَلم يواجه الْكفْر وَهُوَ مُجْتَمع فِي خيله فضلا عَن رجله وَلم يهدد الْعَدو بِضَرْب مصَاف إِلَّا واستكانت العزائم لتهديده وَلم يجمع أمره على اللِّقَاء إِلَّا صرفه عَنهُ الْآمِر بصرفه بذهبه لَا بحديده فَأَما الْآن فقد أنس الْمُسلمُونَ بحزبه وتمرنوا بحربه