إِلَيْهِ السُّلْطَان بتتميم ذَلِك ووعده بأَشْيَاء سكن إِلَيْهَا وَجرى الْأَمر على مَا ذَكرْنَاهُ من إغلاق الْبَاب فِي وَجه الْوَالِي
وَقيل إِن النَّقِيب وَأهل القلعة لما أغلقوا الْبَاب فِي وَجهه شنعوا عَلَيْهِ بمكاتبة الفرنج وَلم يكن فعل ذَلِك إِقَامَة لعذرهم وقذفوه بِالْحِجَارَةِ وَنَادَوْا بشعار السُّلْطَان
وَلما اتَّصل بالسلطان هَذِه الْأَحْوَال أنفد تَقِيّ الدّين إِلَى حارم ليتسلمها فَامْتنعَ النَّقِيب وَأهل القلعة من تَسْلِيمهَا إِلَيْهِ فَرَحل السُّلْطَان إِلَيْهَا بِنَفسِهِ جَرِيدَة فَلَمَّا أشرف عَلَيْهَا نزل إِلَيْهِ النَّقِيب ووجوه القلعيين وسلموها إِلَيْهِ فِي تَاسِع عشر صفر
وَلما حَضَرُوا عِنْد السُّلْطَان حدثوه بكيفية الْحَال وَكَانَ بدر الدّين حسن ابْن الداية حَاضرا فَقَالَ للسُّلْطَان يَا مَوْلَانَا لَا تلْتَفت إِلَى هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُم آذوا هَذَا الْوَالِي وكذبوا عَلَيْهِ حَتَّى فوتوه مَا كَانَ السُّلْطَان وعده بِهِ وَمَا قلت هَذَا إِلَّا عَن تجربة فإنني لما كنت مُتَوَلِّيًا لهَذِهِ القلعة جرى عَليّ من كذبهمْ فِي حَقي وتخرصهم عَليّ أمورا كدت بهَا أهلك مَعَ نور الدّين وهم كَانُوا سَبَب خروجي من هَذِه القلعة وَأَنا أرى أَن السُّلْطَان يقرهم فِي القلعة على هَذِه التجربة فَضَحِك السُّلْطَان وَأمر لَهُم بِمَا كَانَ وعدهم بِهِ وَأفضل عَلَيْهِم وَولى القلعة غَيرهم وَقَالَ لِابْنِ الداية إِن بَين أَيْدِينَا أمكنة نُرِيد أَخذهَا وَمَتى لم نف بِمَا نعد ونجزل الْعَطاء لم يَثِق بِنَا أحد
وَبَات السُّلْطَان بقلعة حارم لَيْلَتَيْنِ وَعَاد إِلَى حلب فِي ثَالِث ربيع الأول فرتبها وَقرر وَلَده الظَّاهِر سُلْطَانا بهَا وَقرر لَهُ فِي كل شهر أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم وَعشْرين كمة وقباء وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الطَّعَام وَغَيره وَجعل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute