للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مساكنها فِي الْهَزِيمَة وعولوا فِيهَا على سيوف المعاول فَإِذا هِيَ رَاحِلَة وَكَأَنَّهَا مُقِيمَة وَهَذِه الْبِلَاد مدن مَا كَانَ غرم قبل مِنْهَا مدنيا وعمارات مَا كَانَ أمل إِلَيْهَا مفضيا بل طالما كَانَ عَنْهَا مغضيا مثل بيسان وعفربلا وزرعين وجينين كلهَا بِلَاد مشاهير لَهَا قرى مغلة وبساتين مظلة وأنهار مقلة وقلاع مطلة وأسوار قد ضربت على جهاتها وأحاطت بجنباتها واتخذتها المدن سياجا على قصباتها فغنم الْمُسلمُونَ مَا فِيهَا من أقوات مختزنة وشفوا مِنْهَا حزازات الْقُلُوب المضطغنة وأحرقوا أوعية كفرها بالنَّار وعذبوها عَذَاب أَهلهَا من الْكفَّار وقتلوها وَكَانَ الضرام لَهَا دَمًا وَكَتَبُوا عَلَيْهَا الخراب وَكَانَ السَّيْف فِيهَا قَلما فأجلوا عَن حماها حمما وتساقطت جدرها فَكَأَنَّمَا أسارت فِيهَا النَّوَى لمما

وَلما كَانَ يَوْم السبت الْحَادِي عشر ورد الْخَبَر بِأَن عَسْكَر الْكَافرين قد ركب من مَكَان مجتمعه وزحف بلابسه ومدرعه فَركب الْخَادِم يبوئ الْمُؤمنِينَ مَوَاقِف الْقِتَال ومنازل النزال فَمن متسرع يطوف عَلَيْهِم بصفاح ليطاف عَلَيْهِ بصحاف وَمن متثبت يمشي إِلَى الْمَوْت مشي الْعَرُوس سَاعَة الزفاف وهنالك منظر ود الْمُؤْمِنُونَ لَو أَن أَمِيرهمْ لَهُ نَاظر كَمَا هُوَ بِهِ أَمر وَلَا غرو أَن يصفه الْخَادِم ليسر المخدوم لَا ليوصف الْخَادِم وَمن وصف ضَرْبَة السَّيْف فَإِنَّمَا وصف الضَّارِب وَلم يصف الصارم وَنزل الْعَدو إِلَى الأَرْض منحطا عَن سَرْجه ومنحازا عَن فجه وسالكا نهجا غير نهجه وأحدق بِهِ راجله وَهُوَ زهاء عشْرين ألف راجل وركز صَلِيب صلبوته فَاسْتَوَى فِي الْعَجز الْمَحْمُول وَالْحَامِل وَنزل محصورا وَخَنْدَق فَكَأَنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>