أصبح الْكَافِر فِي حفر ذَلِك الخَنْدَق مقبورا وَأقَام بإزائه خَمْسَة أَيَّام تماسيه الوقائع وتصاحبه وتماشيه الروائع وتصافحه ويفزع فِيهِ إِلَى الحفير ويتكرر إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الْوَاحِد النفير وَيبْعَث إِلَيْهِ السهْم وَهُوَ فِي الْحَرْب السفير فَيقبل تَحِيَّة الضَّرْب مترددة وَلَا يردهَا وتتبسم إِلَيْهِ صفيحة النصل متوددة فَلَا يودها ويجتهد فِي استخراجه وَقد رأى العزائم وَلم يخرج لدعوتها والمكارم وَلم يرحل لبغيتها
وَمن كتاب آخر إِلَى وَزِير بَغْدَاد أثاروا على يَوْم الْكفْر لَيْلَة عجاج جعلت ليل من وَرَاءَهُمْ من الْإِسْلَام سكنا وصبروا وَصَابِرُوا فَكَأَنَّمَا كَانَ السَّيْف لَهُم أليفا وَكَانَ المعترك لَهُم وطنا وَأخذت فِي الْبِلَاد النَّار مأخذها ونفذت فِيهَا الْغَيْر منافذها وثلت عروشها وثلت غروسها وجليت فِي مصبغات النيرَان عروسها وأصبحت تناجي الْعُيُون ثواكلها وتصف النَّوَازِل منازلها دمنا على الأطلال مطلولة وصرعى بسيوف الْبلَاء مقتولة
وَجَاء الْعَدو فأحدقت بِهِ الْأَبْطَال وتنجزت عَادَة حَملته فمطلت وَمَا كَانَ خلقهَا المطال فَلَمَّا كثر الله الْمُسلمين فِي عيونهم وَرَأَوا بهَا مَا لم يَكُونُوا يرونه قبلهَا بظنوهم وَاسْتَمَدُّوا مغاني الشكوى لتبوح بهَا ألسنتهم إِذا خلوا إِلَى شياطينهم فأخلدوا إِلَى الأَرْض نازلين وقعدوا عَن الحملة ناكلين وَاتَّقَى فارسهم براجله ورامحهم بنابله ولاذ سيفهم بجفنه وَلَا خير فِي حامله ولاذ جفْنه بأطراقه خوفًا من كحله بِسَهْم قَاتله
وَأَقَامُوا مَحْصُورين لَا يَسْتَطِيعُونَ وردا وَلَا صَدرا وَلَا يَجدونَ مُتَقَدما وَلَا مُتَأَخِّرًا فَمَا كَانَ للكفر فِئَة ينصرونه من دون الله وَمَا كَانَ منتصرا وعزف النصل فِي لحن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute