سلخ ذِي الْحجَّة
قَالَ الْعِمَاد وَأقَام السُّلْطَان على نَصِيبين أَيَّامًا قَلَائِل ثمَّ رَحل إِلَى حران فألقينا بهَا عَصا النَّوَى والقلوب بِمَرَض السُّلْطَان متخاذلة القوى متواصلة الجوى وَالْفضل خَائِف من كساده آسَف على عتاده مُشفق من انخفاض قدره وانقراض عصره والسماح يَقُول هَذَا أَوَان كسوف سمائي ونضوب مائي وَالدّين ينْدب وَالْملك يصخب وَالْأَيْدِي إِلَى الله تَعَالَى مَرْفُوعَة والنيات بالإخلاص مشفوعة وَالْكفْر فِي أراجيف وَالْقدر فِي تصاريف وَالسُّلْطَان كلما زَاد ألمه زَاد فِي لطف الله أمله وَكلما بَان ضعفه قوي على الله توكله وَأَنا ملازمه لَيْلًا وَنَهَارًا سرا وجهارا وَهُوَ يملي عَليّ فِي كل وَقت وَصَايَاهُ وَيفرق بقلمي على عفاته عطاياه وَمن جملَة ذَلِك أَنه اشتدت بِهِ الْحَال لَيْلَة أيس بهَا مِنْهُ الْأَطِبَّاء وَغلب الْقنُوط وَعدم الرَّجَاء فَلَمَّا أصبح اجْتمع المعتفون والوافدون إِلَى بَابه والقاصدون المرتجون جنى جنابه وضجوا ضجة ارتجت مِنْهَا الدهماء ولانت لسماعها الصَّخْرَة الصماء فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَقيل هَؤُلَاءِ وفدك قد اجْتَمعُوا على بابك متأسفين على مابك
فدعاني وَأَمرَنِي بكتب اسمائهم وتفريق مَا اجْتمع فِي خزائنه من الْأَمْوَال عَلَيْهِم وأمسينا وَمَا على الْبَاب سَائل وَكُنَّا نظن أَن مَا بِهِ من الْأَلَم شغل شاغل فَوجدَ بِتِلْكَ السماحة رَاحَة وَاسْتمرّ مُدَّة اسْتِمْرَار مَرضه على بذل جَوْهَر مَاله وَعرضه
وَكَانَ خلقه أحسن مَا كَانَ فِي حَال الصِّحَّة يخاطبنا بسجاياه السهلة السمحة وَلَا يَخْلُو مَجْلِسه من أولي فضل وَذَوي نباهة ونبل يتجاذبون بِحَضْرَتِهِ أَطْرَاف الْفَوَائِد ويهزون لمكارمه أعطاف المحامد فَتَارَة فِي أَحْكَام شَرْعِيَّة ومسائل فقهية وآونة فِي صناعات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute