وَالْعدَد واغتنم اشْتِغَال السُّلْطَان بِفَتْح الْقُدس
فَأَقَامَ السُّلْطَان بِتِلْكَ الْمنزلَة على صور ثَلَاثَة عشر يَوْمًا حَتَّى تلاحقت الأمداد وَكَثُرت الْعدَد وآلات الْجِهَاد ورتبت المنجنيقات ثمَّ حول السُّلْطَان مضاربه إِلَى تل قريب من السُّور يشرف مِنْهُ ثمَّ حَاصَرَهُمْ وَقبل كلا من الْمُلُوك بِجَانِب يَكْفِيهِ مِنْهُم الْأَفْضَل والعادل وتقي الدّين فحاصروهم وضايقوهم
وَوصل فِي تِلْكَ الْأَيَّام من حلب الْملك الظَّاهِر غَازِي ولد السُّلْطَان بعسكره الْحلَبِي فاستظهر السُّلْطَان بِهِ واستدعى الأسطول الْمصْرِيّ وَكَانَ بعكا فجَاء مِنْهُ عشرَة شواني وَكَانَ للفرنج فِي الْبَحْر مراكب وحراريق وفيهَا رُمَاة الجروخ والزنبوركات يرْمونَ من دنا من الْبَحْر فَلَمَّا جَاءَ أسطول السُّلْطَان استطال عَلَيْهَا وأبعدها فأحاط بهم الْمُسلمُونَ وقاتلوهم برا وبحرا فَبَيْنَمَا هم فِي أحلى ظفر وأهنأ ورد وَصدر إِذْ ملك الفرنج خَمْسَة من شواني الْمُسلمين وأسروا مقدميها ورئيسها عبد السَّلَام المغربي ومتوليه بدران الْفَارِس وَألقى جمَاعَة أنفسهم فِي الْبَحْر فَمن نَاجٍ وهالك وَذَلِكَ أَنهم سهروا تِلْكَ اللَّيْلَة بِإِزَاءِ ميناء صور إِلَى السحر ثمَّ غلبهم النّوم فَمَا انتبهوا إِلَّا والفرنج قد ركبتهم ونكبتهم فَأصْبح الْمُسلمُونَ وَقد وجموا وأتاهم من الْأَمر مَا لم يعلمُوا وَنفذ السُّلْطَان إِلَى المراكب الْبَاقِيَة أَن يَسِيرُوا إِلَى بيروت وَخَافَ عَلَيْهَا لقلتهَا أَن يستولي عَلَيْهَا عَبدة الطاغوت فنجا مِنْهَا شيني رَئِيس جبيل وَالْبَاقُونَ نظرُوا إِلَى الفرنج وَرَاءَهُمْ فَألْقوا أنفسهم فِي المَاء وَخَرجُوا إِلَى الْبر على وُجُوههم
ثمَّ إِن الفرنج بعد هَذَا طمعت فَخرجت يَوْمًا وَقت الْعَصْر مستعدة لِلْقِتَالِ فالتقاهم الْمُسلمُونَ فَكَانَت الدائرة على الْكَافرين واسر مقدم كَبِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute