للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُم وَظن أَنه المركيس فسلمه السُّلْطَان إِلَى وَلَده الظَّاهِر ليحفظه فَضرب عُنُقه وَكَانَ اللَّيْل قد دخل فَلَمَّا أَصْبحُوا تبين لَهُم ان المركيس بعد فِي الْحَيَاة فطال حصاره حَتَّى ضجر كثير من أُمَرَاء الْمُسلمين لأَنهم رَأَوْا مَا لم يألفوه من تعسر الْفَتْح عَلَيْهِم فأشاروا على السُّلْطَان بالرحيل لِئَلَّا تفنى الرِّجَال وتقل الْأَمْوَال وَكَانَ الْبرد قد اشْتَدَّ عَلَيْهِم وَكَانَ رَأْي السُّلْطَان والأتقياء من الْأُمَرَاء كالفقيه عِيسَى وحسام الدّين طمان وَعز الدّين جرديك النوري الثَّبَات إِلَى الْفَتْح لِئَلَّا يضيع مَا تقدم من الْأَعْمَال وإنفاق الْأَمْوَال وَقَالَ السُّلْطَان قد هدمنا السُّور وقاربنا الْأُمُور فَاصْبِرُوا تُفْلِحُوا وَصَابِرُوا تفتحوا وَلَا تعجلوا

فأظهروا الْمُوَافقَة وَفِي انفسهم مَا فِيهَا فَلم يصدقُوا الْقِتَال وتعللوا بِأَن الرِّجَال جرحى والعلوفات قد قلت فَلم يسع السُّلْطَان بعد ذَلِك إِلَّا الرحيل فَأمر بِنَقْل الأثقال فَحمل بَعْضهَا إِلَى صيدا وبيروت وأحرق الْبَاقِي لِئَلَّا يَنَالهُ الْعَدو ورحل فِي أخر شَوَّال وَهُوَ أول يَوْم من كانون الأول وَسَار تَقِيّ الدّين إِلَى دمشق على طَرِيق هونين واستصحب مَعَه عَسَاكِر الشرق وديار بكر والموصل والجزيرة وسنجار وماردين ورحل السُّلْطَان إِلَى عكا فوصلها فِي ثَلَاث مراحل لِأَنَّهُ سلك طَرِيق الناقورة وَهِي طَرِيق ضيقَة مطلة على الْبَحْر بهَا يضْرب الْمثل لَا يعبر بهَا إِلَّا جمل جمل فعبرت بهَا الأثقال والأحمال فِي أُسْبُوع

وَكَانَ عين يَوْم رحيله من صور أُمَرَاء يُقِيمُونَ عَلَيْهَا إِلَى أَن يعرفوا عبور الثّقل

وخيم السُّلْطَان عِنْد التل وَسَار الْعَادِل إِلَى مصر وَالظَّاهِر إِلَى حلب وَبدر الدّين دلدرم الياروقي إِلَى بِلَاده

قَالَ وَفِي مُدَّة رحيل السُّلْطَان عَن صور جَاءَهُ خبر سيف الدّين مَحْمُود أخي عز الدّين جاولي أَنه اسْتشْهد فِي عفربلا تَحت حصن كَوْكَب كبسه

<<  <  ج: ص:  >  >>