للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنج فِيهَا لَيْلًا وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد بَقِي على السُّلْطَان بَعْدَمَا فتح من بِلَاد الْعَدو من جملَة أَعمال طبرية والغور حصنا صفد وكوكب وَكَانَ فِي صفد جَمْرَة الداوية وَفِي كَوْكَب جَمْرَة الاسبتارية فَاحْتَاجَ السُّلْطَان فِي فتحهما إِلَى المطاولة فَوكل بصفد جمَاعَة يعْرفُونَ بالناصرية مقدمهم مَسْعُود الصلتي ووكل بكوكب هَذَا الْأَمِير سيف الدّين مَحْمُودًا فَأَقَامَ فِي حصن عفربلا وَهُوَ قريب من حصن كَوْكَب ونغص على المقيمين فِيهِ الْمطعم وَالْمشْرَب وضيق عَلَيْهِم الْمَذْهَب إِلَى أَن دخل الشتَاء فاختلت الحراسة واعتلت السياسة فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة آخر شَوَّال وَكَانَت بَارِدَة ماطرة حرس أَصْحَاب سيف الدّين حَتَّى ضجروا فَغَلَبَهُمْ النعاس فَمَا استيقظوا إِلَّا وفرنج كَوْكَب عَلَيْهِم باركة فدافعوا عَن أنفسهم حَتَّى اسْتشْهدُوا واخذ الفرنج غنيمَة الْمُسلمين ودخلوا بهَا كَوْكَب

وَكَانَ هَذَا الْأَمِير مَحْمُود ذَا دين متين وَمَكَان من النّسك مكين وَهُوَ يسهر اكثر ليله متهجدا وَقد جعل منزله مَسْجِدا فَجمع بَين التَّهَجُّد وَالْجهَاد وَكَانَ كثير الِاجْتِهَاد فَاغْتَمَّ السُّلْطَان بمصابه وَزَاد تألما إِلَى مابه وَتقدم إِلَى صارم الدّين قايماز النجمي أَن يرابط كَوْكَب فِي خمس مئة فَارس فَفعل وَلم يزل بهَا إِلَى ان فتحت كَمَا سياتي

قَالَ وَفتحت هونين وَالسُّلْطَان محاصر صور وَكَانَ لما فتح تبنين قد امْتنعت عَلَيْهِ هونين فَوكل بهَا من رابطها وضايقها حَتَّى طلبُوا الْأمان وَجَاء خَبَرهَا إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ على صور فنفذ الْأَمِير بدر الدّين دلدرم فَفَتحهَا وَخرج الفرنج مِنْهَا سَالِمين آمِنين

وَكَانَ قد بَقِي أَيْضا من عمل صيدا قلعة أبي الْحسن وشقيف أرنون وَأقَام السُّلْطَان بِظَاهِر عكا نَاظرا

<<  <  ج: ص:  >  >>