للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد كَانَ السُّلْطَان قد اشْترط على نَفسه حِين تسلم عسقلان أَنه إِن أَمر الْملك من بهَا بتسليمها أطلقهُ فَأَمرهمْ بتسليمها وسلموها فطالبه الْملك باطلاقه فَأَطْلقهُ وَفَاء بِالشّرطِ وَنحن على حصن الأكراد أطلقهُ من أنطرطوس وَاشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يشهر فِي وَجهه سَيْفا أبدا وَأَن يكون مَمْلُوكه وطليقه فنكث لعنة الله وَجمع الجموع وأتى صور يطْلب الدُّخُول إِلَيْهَا فخيم على بَابهَا يُرَاجع المركيس الَّذِي كَانَ بهَا فِي ذَلِك وَكَانَ المركيس اللعين رجلا عَظِيما ذَا رَأْي وبأس شَدِيد وصرامة عَظِيمَة فَقَالَ لَهُ إِنَّنِي نَائِب الْمُلُوك الَّذين وَرَاء الْبَحْر وَمَا أذنوا لي فِي تَسْلِيمهَا إِلَيْك

وطالت الْمُرَاجَعَة واستقرت الْقَاعِدَة بَينهمَا على أَن يتفقوا جَمِيعًا على الْمُسلمين وتجتمع العساكر الَّتِي بصور وَغَيرهَا من الفرنجية على الْمُسلمين وعسكروا على بَاب صور

وَلما كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر جُمَادَى الأولى بلغ السُّلْطَان من جَانب اليزك أَن الفرنج قد قطعُوا الجسر الْفَاصِل بَين أَرض صور وَأَرْض صيدا وَهِي الأَرْض الَّتِي نَحن عَلَيْهَا فَركب السُّلْطَان بعسكره نَحْو اليزك فوصل وَقد انفصلت الْوَقْعَة وَذَلِكَ أَن الفرنج عبر مِنْهُم جمَاعَة الجسر فَنَهَضَ إِلَيْهِم يزك الْإِسْلَام وَكَانُوا فِي عدَّة وَقُوَّة فقاتلوهم فَقتلُوا مِنْهُم خلقا كثيرا وجرحوا أَضْعَاف مَا قتلوا ورموا فِي النَّهر جمَاعَة فَغَرقُوا وَلم يقتل من الْمُسلمين إِلَّا مَمْلُوك للسُّلْطَان يعرف بأيبك الأخرش وَكَانَ شجاعا باسلا

<<  <  ج: ص:  >  >>