للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرنا محاصرين للمحاصرين قد أحطنا الْعَدو وَهُوَ بِالْبَلَدِ مُحِيط واستشطنا مِنْهُ وَهُوَ مستشيط وأحطنا بأولئك الْكَفَرَة إحاطة النَّار بِأَهْلِهَا ومنعنا الطّرق من ورائهم فِي وعرها وسهلها ورتبنا بالزيب والنواقير رجَالًا يصدونهم عَن سبلها ودمنا نصدهم ونصدمهم ويوجدهم الْبَحْر ونعدمهم واستدارت الفرنج بعكا كالدائرة بالمركز وَزَادُوا من جانبنا فِي التحرس والتحرز وَذَلِكَ فِي آخر رَجَب لانسلاخه وَالْإِسْلَام ينادينا باستصراخه

وَأصْبح السُّلْطَان يَوْم الْجُمُعَة مستهل شعْبَان واتفقت الآراء على أَن يكون اللِّقَاء وَقت الصَّلَاة عِنْد ارْتِفَاع الدَّعْوَات على المنابر الإسلامية فأحاط الْعَسْكَر الإسلامي بجوانبهم فكدر عَلَيْهِم صفو مشاربهم وفلل مضاء مضاربهم وهم فِي مواضعهم واقفون وعَلى مصَارِعهمْ عاكفون وَفِي مواطنهم ثابتون كالبنيان المرصوص مَا فِيهِ خلل وكالحلقة المفرغة مَا إِلَيْهَا مدْخل وكالسور الْمُحِيط مَا عَلَيْهِ متسلق وكالجبل الأشم مَا فِيهِ مُتَعَلق

فزحفنا إِلَيْهِم فَلم يبرجوا وقربنا مِنْهُم فَلم ينزحوا وحملنا عَلَيْهِم فَأخذُوا الضَّرْبَة وَلم يعطوها وَكلما قتل وَاحِد وقف آخر مقَامه حَتَّى دخل اللَّيْل وحجز

وحملوا من الْغَد من جَانب الْبَحْر شمَالي عكا فَانْهَزَمَ الفرنج إِلَى تل المصلبة نَحْو الْقبَّة وثبتوا عِنْد الوثبة وَانْفَتح لنا طَرِيق عكا فَدَخلَهَا الرِّجَال وحملت إِلَيْهَا الغلال والفرنج قد رهبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>