للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَو كُلَّماَ انطلقنا غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيالنا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التيس عَليّ أَن لَا أُوتى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِك إِلَّا نَكَّلْتُ بِهِ)

قَالَ ابْن الْأَثِير وَكَانَ قد أَقَامَ بقلعة الجزيرة دزدارا اسْمه نور الدّين حسن البربطي وَكَانَ من خواصه وَأقرب النَّاس إِلَيْهِ وَكَانَ غير مرضى السِّيرَة فَبَلغهُ عَنهُ أَنه يتَعَرَّض للحرم فَأمر حَاجِبه صَلَاح الدّين الياغبساني أَن يسير مجدا وَيدخل الجزيرة فَإِذا دَخلهَا أَخذ البربطي وَقطع ذكره وَقلع عَيْنَيْهِ عُقُوبَة لنظره بهما إِلَى الْحرم ثمَّ يصلبه

فَسَار الصّلاح مجدا فَلم يشْعر البربطي إِلَّا وَقد وصل إِلَى الْبَلَد فَخرج إِلَى لِقَائِه فَأكْرمه الصّلاح وَدخل مَعَه الْبَلَد وَقَالَ لَهُ الْمولى أتابك يسلم عَلَيْك وَيُرِيد أَن يعلي قدرك وَيرْفَع منزلتك وَيسلم إِلَيْك قلعة حلب ويوليك جَمِيع الْبِلَاد الْبِلَاد الشامية لتَكون هُنَاكَ مثل نصير الدّين فتجهز وتحدر مَالك فِي المَاء إِلَى الْموصل وتسير إِلَى خدمته

ففرح ذَلِك الْمِسْكِين فَلم يتْرك لَهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا إِلَّا نَقله إِلَى السفن ليحدرها إِلَى الْموصل فِي دجلة

فحين فرغ من جَمِيع ذَلِك أَخذه الصّلاح وأمضى فِيهِ مَا أَمر بِهِ وَأخذ جَمِيع مَاله

فَلم يتجاسر بعده أحد على سلوك شَيْء من أَفعاله

قَالَ وَأما صدقاته فقد كَانَ يتَصَدَّق كل جُمُعَة بمئة دِينَار أَمِيري ظَاهرا وَيتَصَدَّق فِيمَا عداهُ من الْأَيَّام سرا مَعَ من يَثِق بِهِ

وَركب يَوْمًا فَعَثَرَتْ بِهِ دَابَّته فكاد يسْقط عَنْهَا فاستدعى أَمِيرا كَانَ مَعَه فَقَالَ لَهُ كلَاما لم يفهمهُ وَلم

<<  <  ج: ص:  >  >>