للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتجاسر على أَن يَسْتَفْهِمهُ مِنْهُ فَعَاد عَنهُ إِلَى بَيته وودع أَهله عَازِمًا على الْهَرَب فَقَالَت لَهُ زَوجته مَا ذَنْبك وَمَا حملك على هَذَا الْهَرَب فَذكر لَهَا الْحَال فَقَالَت لَهُ إِن نصير الدّين لَهُ بك عناية فاذكر لَهُ قصتك وَافْعل مَا يَأْمُرك بِهِ

فَقَالَ أَخَاف أَن يَمْنعنِي من الْهَرَب فَأهْلك

فَلم تزل زَوجته تراجعه وتقوي عزمه فَعرف النصير حَاله فَضَحِك مِنْهُ وَقَالَ لَهُ خُذ هَذِه الصرة الدَّنَانِير واحملها إِلَيْهِ فَهِيَ الَّتِي أَرَادَ

فَقَالَ الله الله فِي دمي وَنَفْسِي

فَقَالَ لَا بَأْس عَلَيْك فَإِنَّهُ مَا أَرَادَ غير هَذِه الصرة

فحملها إِلَيْهِ فحين رَآهُ قَالَ أَمَعَك شَيْء قَالَ نعم

فَأمره أَن يتَصَدَّق بِهِ

فَلَمَّا فرغ من الصَّدَقَة قصد النصير وشكره وَقَالَ من أَيْن علمت أَنه أَرَادَ الصرة فَقَالَ لَهُ إِنَّه يتَصَدَّق هَذَا الْيَوْم بِمثل هَذَا الْقدر وَيُرْسل إِلَيّ يَأْخُذهُ من اللَّيْل وَفِي يَوْمنَا هَذَا لم يَأْخُذهُ ثمَّ بَلغنِي أَن دَابَّته عثرت بِهِ حَتَّى كَاد يسْقط على الأَرْض وأرسلك إِلَيّ فَعلمت أَنه ذكر الصَّدَقَة

قَالَ وَحكي لي من شدَّة هيبته مَا هُوَ أَشد من هَذَا

قَالَ وَالِدي خرج يَوْمًا الشَّهِيد من قلعة الجزيرة من بَاب السّر خلْوَة وملاح لَهُ نَائِم فأيقظه بعض الجاندارية وَقَالَ لَهُ اقعد فحين رأى الشَّهِيد سقط إِلَى الأَرْض فحركوه فوجدوه مَيتا

قَالَ وَكَانَ الشَّهِيد قَلِيل التلون والتنقل بطيء الْملَل والتغير شَدِيد الْعَزْم لم يتَغَيَّر على أحد من أَصْحَابه مُذْ مَلَكَ إِلَى أَن قتل إِلَّا بذنب

<<  <  ج: ص:  >  >>