للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينصب عَلَيْهِ منجنيق وَكَانَ ذَلِك قد عمل فِي قُلُوب الْمُسلمين وأودعها من الْخَوْف على الْبَلَد مَالا يُمكن شَرحه وأيس النَّاس من الْبَلَد بِالْكُلِّيَّةِ وتقطعت قُلُوب الْمُقَاتلَة فِيهِ وَكَانَ قد فرغ عَملهَا وَلم يبْق إِلَّا جرها إِلَى قريب السُّور

وَكَانَ السُّلْطَان - رَحمَه الله - قد أعمل فكرة فِي إحراقها وإهلاكها وَجمع الصناع من الزراقين والنفاطين وباحثهم فِي الِاجْتِهَاد فِي إحراقها وَوَعدهمْ عَلَيْهِ بالأموال الطائلة والعطايا الجزيلة وَضَاقَتْ حيلهم عَن ذَلِك

وَكَانَ من جملَة من حضر شَاب نُحَاس دمشقي فَذكر أَن لَهُ صناعَة فِي إحراقها وَأَنه إِن مكن من الدُّخُول إِلَى عكا وَحصل لَهُ الْأَدْوِيَة الَّتِي يعرفهَا أحرقها

فَحصل لَهُ جَمِيع مَا طلبه وَدخل إِلَى عكا وطبخ تِلْكَ الْأَدْوِيَة مَعَ النفط فِي قدور من النّحاس حَتَّى صَار الْجَمِيع كَأَنَّهُ جَمْرَة نَار ثمَّ ضرب البرج الْوَاحِد يَوْم وُصُول الْملك الظَّاهِر بقدرفاشتعل من سَاعَته وَوَقته وَصَارَ كالجبل الْعَظِيم من النَّار طالعة ذؤابته نَحْو السَّمَاء فاستغاث الْمُسلمُونَ بالتهليل وَالتَّكْبِير وغلبهم الْفَرح حَتَّى كَادَت عُقُولهمْ تذْهب فَبَيْنَمَا النَّاس ينظرُونَ ويتعجبون إِذْ رمى البرج الثَّانِي بِالْقُدْرَةِ الثَّانِيَة وَالثَّالِث بالثالثة فاحترقا كَالْأولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>