ركبت أَنا وَالْقَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد لمشاهدة مَا هُنَاكَ من أشلاء صرعى وأجساد فَمَا أعجل مَا سلبوا وأعروا وفروا وفروا وَقد بقرت بطونهم وفقئت عيونهم ورأينا امْرَأَة مقتولة لكَونهَا مقاتلة وسمعناها وَهِي خامدة بالعبرة قائلة وَمَا زلنا نطوف عَلَيْهِم ونعبر ونفكر فيهم ونعتبر حَتَّى ارتدى الْعشَاء بالظلام فعدنا إِلَى الْخيام وأطلنا الْوُقُوف على تِلْكَ الطلول الدارسة واستبشرت الْوُجُوه بِتِلْكَ الْوُجُوه العابسة وحزرناهم بِعشْرَة آلَاف قَتِيل لَا حزر تَكْثِير بل حزر تقليل وَكَانَ الَّذين حملُوا وهزموا وَقتلُوا أقل من ألف فَقتلُوا أضعافا مضاعفة وعدموا مِمَّن وَرَاءَهُمْ مساعدة ومساعفة
وَحكي من نَوَادِر هَذِه الْوَقْعَة أَن فرنجيا عقر فَجَثَا للصرعة فعثر بِهِ رَاكب برذون فعرقب الفرنجي فرسه بِسيف فِي يَده فَنزل بجده مستنا فِي جدده وَقتل ذَلِك الفرنجي وروى من دَمه الْهِنْدِيّ وَحل من وَسطه ثَمَانِينَ دِينَارا فَانْقَلَبَ ربحا مَا عده خسارا وامتلأت الْأَيْدِي بالأسلاب والأكساب وَحصل من الْعدَد مَا لم يكن فِي الْحساب وبيعت الزرديات ذَوَات الْأَثْمَان بالرخص
قَالَ وَشرع الفرنج فِي الخداع والمراسلة وسألوا فِي الصُّلْح وَأذن لَهُم السُّلْطَان فِي الْخُرُوج للنَّظَر إِلَى أُولَئِكَ الصرعى بِتِلْكَ المروج وَهِي قد تورقت وأنتنت وجافت وحميت الشَّمْس على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute