للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للْملك إِن من الرَّأْي أَن تسير الصّلاح إِلَى مملوكك نور الدّين بحلب يدبر أمره وَكَانَت حماة إقطاع الصّلاح فَأمره فَسَار وَبَقِي الْجمال وَحده مَعَ الْملك فَأَخذه وَقصد الرقة

فاشتغل بِشرب الْخمر وَالْخلْوَة بِالنسَاء وَأَرَادَ أَن يُعْطي الْأُمَرَاء شَيْئا فَمَنعه خوفًا من أَن تميل قُلُوبهم إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُم الإقطاع الجزيل وَالنعَم الوافرة

وَشرع الْجمال يستميل الْعَسْكَر وَيحلف المراء لسيف الدّين بن أتابك الشَّهِيد وَاحِدًا بعد وَاحِد وكل من حلف يَأْمُرهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْموصل هَارِبا من الْملك

وَأقَام بِالْملكِ فِي الرقة عدَّة أَيَّام ثمَّ سَار بِهِ إِلَى ماكسين فَتَركه بهَا عدَّة أَيَّام أَيْضا قد اشْتغل بلذاته عَن طلب الْملك ثمَّ سَار بِهِ نَحْو سنجار

وَكَانَ سيف الدّين غَازِي قد دخل الْموصل وَاسْتقر بهَا فقوى حِينَئِذٍ جنان جمال الدّين وَوصل هُوَ وَالْملك إِلَى سنجار فَأرْسل إِلَى دُزدارها وَقَالَ لَهُ لَا تسلم الْبَلَد وَلَا تمكن أحدا من دُخُوله وَلَكِن أرسل إِلَى الْملك وَقل لَهُ إِنَّا تبع الْموصل فَمَتَى دخلت الْموصل سلمت إِلَيْك الْبَلَد

فَفعل الدزدار ذَلِك

فَقَالَ الْجمال للْملك الْمصلحَة أَنا نسير إِلَى الْموصل فَإِن مملوكك غَازِي إِذا سمع بقربنا مِنْهُ خرج إِلَى الْخدمَة فَحِينَئِذٍ نقبض عَلَيْهِ ونتسلم الْبِلَاد

فَسَارُوا عَن سنجار وَكثر رحيل الْعَسْكَر إِلَى الْموصل هاربين من الْملك فبقى فِي قلَّة من الْعَسْكَر فَسَارُوا إِلَى مَدِينَة بلد وَعبر الْملك دجلة من هُنَاكَ فَلَمَّا عبرها دخل الْجمال الْموصل وَأرْسل الْأَمِير عز الدّين أَبَا بكر الدبيسي فِي عَسْكَر إِلَى الْملك وَهُوَ فِي نفر يسير فَأَخذه وَأدْخلهُ الْموصل فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ

وَاسْتقر أَمر سيف الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>