للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَأَيْت السُّلْطَان وَهُوَ يسير بِنَفسِهِ بَين الجاليشية ونشاب الْقَوْم يتجاوزه وَلَيْسَ مَعَه إِلَّا صبيان بجنيبين لَا غير وَهُوَ يسير من طلب إِلَى طلب يحثهم على التَّقَدُّم وَيَأْمُرهُمْ بمضايقة الْقَوْم والصياح بالتهليل وَالتَّكْبِير يرْتَفع والعدو على أتم ثبات على ترتيبهم لَا يتغيرون وَلَا ينزعجون وَجَرت حملات كَثِيرَة ورجالتهم تجرح الْمُسلمين وخيولهم بالزنبورك والنشاب إِلَى أَن أَتَوا إِلَى نهر الْقصب فنزلوا عَلَيْهِ وَقد قَامَ قَائِم الظهيرة وضربوا خيامهم وتراجع النَّاس عَنْهُم فانهم كَانُوا إِذا نزلُوا أيس النَّاس من أَمر يتم مَعَهم

وَفِي ذَلِك الْيَوْم قتل من فرسَان الْمُسلمين وشجعانهم أياز الطَّوِيل وَهُوَ من مماليك السُّلْطَان وَكَانَ قد فتك بهم وَقتل خلقا من خيالتهم وشجعانهم وَكَانَ قد استفاضت شجاعته بَين العسكرين بِحَيْثُ إِنَّه جرت لَهُ وقعات كَثِيرَة صدقت أَخْبَار الْأَوَائِل وَصَارَ بِحَيْثُ إِنَّه إِذا عرفه الفرنج فِي مَوضِع تجافوا عَنهُ فاتفق أَن تقطر بِهِ فرسه فاستشهد فِي ذَلِك الْيَوْم وَدفن على تل مشرف على الْبركَة وحزن الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ حزنا عَظِيما وَقتل عَلَيْهِ مَمْلُوك لَهُ

وَنزل السُّلْطَان بالثقل على الْبركَة وَهُوَ مَوضِع تَجْتَمِع فِيهِ مياه كَثِيرَة ثمَّ رَحل بعد الْعَصْر وأتى نهر الْقصب فَنزل عَلَيْهِ أَيْضا فَكُنَّا نشرب من أَعْلَاهُ والعدو يشرب من أَسْفَله لَيْسَ بَيْننَا إِلَّا مَسَافَة

<<  <  ج: ص:  >  >>