للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى خدمته سحرًا وَكنت فارقته بعد مُضِيّ نصف اللَّيْل فَحَضَرت وَبَدَأَ بِالْحَدِيثِ فِي معنى خرابها وأحضر وَلَده الْأَفْضَل وشاوره فِي ذَلِك وَطَالَ الحَدِيث وَلَقَد قَالَ لي رَحمَه الله وَالله لِأَن أفقد أَوْلَادِي بأسرهم أحب إِلَيّ من أَن أهدم مِنْهَا حجرا وَاحِدًا وَلَكِن إِذا قضى الله بذلك وعينه لحفظ مصلحَة الْمُسلمين طَرِيقا فَكيف أصنع

قَالَ ثمَّ استخار الله تَعَالَى فأوقع فِي نَفسه أَن الْمصلحَة فِي خرابها فَاسْتَحْضر الْوَالِي وَأمره بذلك فِي تَاسِع عشر شعْبَان وَلَقَد رَأَيْته وَقد اجتاز بِالسوقِ والوطاق بِنَفسِهِ يستنفر النَّاس للخراب وَقسم السُّور على النَّاس وَجعل لكل أَمِير وَطَائِفَة من الْعَسْكَر بَدَنَة مَعْلُومَة وبرجا مَعْلُوما يخربونه وَدخل النَّاس إِلَى الْبَلَد وَوَقع فِيهِ الضجيج والبكاء وَكَانَ بَلَدا نضرا خَفِيفا على الْقلب مُحكم الأسوار عَظِيم الْبناء مرغوبا فِي سكناهُ فلحق النَّاس عَلَيْهِ حزن عَظِيم

وَكَانَ هُوَ بِنَفسِهِ وَولده الْأَفْضَل يستعملان النَّاس فِي الخراب خشيَة أَن يسمع الْعَدو فيحضر وَلَا يُمكن من خرابها وأباح النَّاس الهري الَّذِي كَانَ ذخيرة فِي الْبَلَد للعجز عَن نَقله وضيق الْوَقْت وَالْخَوْف من هجوم الفرنج وَأمر بحريق الْبَلَد فأضرمت النَّار فِيهِ وَالْأَخْبَار تتواتر من جَانب الْعَدو بعمارة يافا

<<  <  ج: ص:  >  >>