وَكَانَ عزم على الْحَج وصمم وَكتب إِلَى مصر واليمن بِمَا عَلَيْهِ عزم وَأمر أَن يحمل لَهُ فِي المراكب كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الأزواد والنفقات وَالثيَاب والكسوات فَقيل لَهُ لَو كتبت إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ وأعلمته بحجك وعرفته بنهجك حَتَّى لَا يظنّ بك أَمر أَنْت مِنْهُ بَرِيء وَيعلم أَن قصدك فِي الْمُضِيّ مضيء وَالْوَقْت قد ضَاقَ ويبلغ الْخَبَر الْآفَاق
ثمَّ هَذِه الْبِلَاد إِذا سَافَرت تركتهَا على مَا بهَا من الشعث وَهَذِه المعاقل الَّتِي فِي الثغور حفظهَا من أهم الْأُمُور وَلَا تغتر بِعقد الْهُدْنَة فَإِن الْقَوْم على ترقب المكنة والغدر دأبهم
فَمَا زَالَ بِهِ الْجَمَاعَة حَتَّى حلوا عقد عزمه على الْحَج فشرع فِي تَرْتِيب قَاعِدَة الْقُدس فِي ولَايَته وعمارته ثمَّ خرج من الْقُدس يَوْم الْخَمِيس خَامِس شَوَّال وَجَاوَزَ نَاحيَة البيرة وَبَات على بركَة الداوية وَنزل يَوْم الْجُمُعَة بِظَاهِر نابلس وَأقَام بهَا إِلَى ظهر يَوْم السبت حَتَّى كشف مظالم ووظف مَكَارِم وَكَانَ بهَا سيف الدّين المشطوب وشكا أَهلهَا نَوَائِب من جِهَته تنوب فأزال الشكوى وأزاح الْبلوى
ورحل بعد ظهر السبت وَبَات عِنْد عقبَة ظهر حمَار بِموضع يعرف بالفريديسة ورتعنا فِي مروجها الأنيسة وأصبحنا راحلين ونزلنا ضحوة على جينين وَهُنَاكَ وَدعنَا المشطوب وداع الْأَبَد فَإِنَّهُ انْتقل بعد أَيَّام إِلَى رَحْمَة الْوَاحِد الصَّمد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute