فتعجبت من هَذِه الْقِصَّة وأعلمت السُّلْطَان بذلك فَأحْضرهُ واستدناه حَتَّى جلس بَين يَدي وَكنت إِلَى جَانِبه ثمَّ انفرك من طراحته حَتَّى ساواه رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ ادّعى الرجل وَفتح كِتَابه وقرئ تَارِيخه
فَقَالَ السُّلْطَان إِن لي من يشْهد أَن هَذَا سنقر فِي هَذَا التَّارِيخ كَانَ فِي ملكي وَفِي يَدي بِمصْر وَأَنِّي اشْتَرَيْته مَعَ ثَمَانِيَة أنفس فِي تَارِيخ مُتَقَدم على هَذَا التَّارِيخ بِسنة وَأَنه لم يزل فِي يَدي وملكي إِلَى أَن أَعتَقته
ثمَّ استحضر جمَاعَة من أَعْيَان الْأُمَرَاء الْمُجَاهدين فَشَهِدُوا بذلك وحكوا الْقَضِيَّة كَمَا ذكرهَا وَذكروا التَّارِيخ كَمَا إدعاه فَأبْلسَ الرجل فَقلت لَهُ يَا مَوْلَانَا هَذَا الرجل مَا فعل ذَلِك إِلَّا طلبا لمراحم السُّلْطَان وَقد حضر بَين يَدي الْمولى وَمَا يحسن أَن يرجع خائب الْقَصْد فَقَالَ هَذَا بَاب آخر وَتقدم لَهُ بخلعة وَنَفَقَة بَالِغَة
قَالَ فَانْظُر إِلَى مَا فِي طي هَذِه الْقَضِيَّة من الْمعَانِي الغريبة العجيبة من التَّوَاضُع والإنقياد إِلَى الْحق وإرغام النَّفس وَالْكَرم فِي مَوضِع الْمُؤَاخَذَة مَعَ الْقُدْرَة التَّامَّة رَحْمَة الله عَلَيْهِ
قَالَ وَكَرمه كَانَ أظهر من أَن يسطر كَانَ رَحمَه الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute