وَلم يزل مصابرا لَهُم وهم فِي الْعدة الوافرة إِلَى أَن ظهر لَهُ ضعف الْمُسلمين فَصَالح وَهُوَ مسؤول من جانبهم فَإِن الضعْف والهلاك كَانَ فيهم أَكثر وَلَكنهُمْ كَانُوا يتوقعون النجدة وَنحن لَا نتوقعها وَكَانَت الْمصلحَة فِي الصُّلْح
وَكَانَ رَحمَه الله يمرض وَيصِح وتعتريه أَحْوَال مهولة وَهُوَ مصابر مرابط وتتراءى الناران ونسمع مِنْهُم صَوت الناقوس ويسمعون منا صَوت الْأَذَان إِلَى أَن انْقَضى الْأَمر
قَالَ وَكَانَ رَحمَه الله شَدِيد الْمُوَاظبَة على الْجِهَاد عَظِيم الاهتمام بِهِ وَلَو حلف حَالف أَنه مَا أنْفق بعد خُرُوجه إِلَى الْجِهَاد دِينَارا وَلَا درهما إِلَّا فِي الْجِهَاد أَو فِي الارفاد لصدق وبر فِي يَمِينه
وَلَقَد كَانَ الْجِهَاد وحبه والشغف بِهِ قد استولى على قلبه وَسَائِر جوانحه اسْتِيلَاء عَظِيما بِحَيْثُ مَا كَانَ لَهُ حَدِيث إِلَّا فِيهِ وَلَا نظر إِلَّا فِي آلَته وَلَا اهتمام إِلَّا بِرِجَالِهِ وَلَا ميل إِلَّا إِلَى من يذكرهُ ويحث عَلَيْهِ وَلَقَد هجر فِي محبَّة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله أَهله وَأَوْلَاده ووطنه وسكنه وَسَائِر بِلَاده وقنع من الدُّنْيَا بِالسُّكُونِ فِي ظلّ خيمة تهب بهَا الرِّيَاح يمنة ويسرة وَلَقَد وَقعت عَلَيْهِ الْخَيْمَة فِي لَيْلَة ريحة على مرج عكا فَلَو لم يكن فِي البرج وَإِلَّا قتلته وَلَا يزِيدهُ ذَلِك إِلَّا رَغْبَة ومصابرة واهتماما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute