وَكَانَ يكرم من يرد عَلَيْهِ من الْمَشَايِخ وأرباب الْعلم وَالْفضل وَذَوي الأقدار وَكَانَ يوصينا لِئَلَّا نغفل عَمَّن يجتاز بالخيم من الْمَشَايِخ المعروفين حَتَّى نحضرهم عِنْده وينالهم من إحسانه
وَلَقَد مر بِنَا سنة أَربع وَثَمَانِينَ رجل جمع بَين الْعلم والتصوف وَكَانَ من ذَوي الأقدار وَكَانَ أَبوهُ صَاحب توزير فَأَعْرض هُوَ عَن فن أَبِيه واشتغل بِالْعلمِ وَالْعَمَل وَحج وَوصل زَائِرًا لبيت الله الْمُقَدّس وَلما قضى لبانته مِنْهُ وَرَأى آثَار السُّلْطَان فِيهِ وَقع لَهُ زيارته فوصل إِلَيْنَا إِلَى الْعَسْكَر فَلَقِيته ورحبت بِهِ وَعرفت السُّلْطَان وُصُوله فَاسْتَحْضرهُ وشكره عَن الْإِسْلَام وحثه على الْخَيْر وَانْصَرف وَبَات عِنْدِي فِي الْخَيْمَة
فَلَمَّا صلينَا الصُّبْح أَخذ يودعني فقبحت لَهُ الْمسير دون وداع السُّلْطَان فَلم يلْتَفت وَلم يلو على ذَلِك وَقَالَ قضيت حَاجَتي مِنْهُ وَلَا غَرَض لي فِيمَا عدا رُؤْيَته وزيارته ثمَّ انْصَرف من سَاعَته وَمضى على ذَلِك لَيَال فَسَأَلَ السُّلْطَان عَنهُ فَأَخْبَرته بِفِعْلِهِ فَظهر عَلَيْهِ آثَار التعتب كَيفَ لم أخبرهُ برواحه وَقَالَ كَيفَ يطرقنا مثل هَذَا الرجل وينصرف عَنَّا من غير إِحْسَان يمسهُ منا وشدد النكير عَليّ فِي ذَلِك فَمَا وجدت بدا من أَن أكتب كتابا إِلَى محيي الدّين قَاضِي دمشق كلفته فِيهِ السُّؤَال عَن حَال الرجل وإيصال رقْعَة كتبتها إِلَيْهِ طي كتابي أخْبرته فِيهَا بانكار السُّلْطَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute