لحصر دمشق ثَانِيَة فَاشْتَدَّ غم الْأَفْضَل فأشير عَلَيْهِ بِأَن يرحل إِلَى عَمه الْعَادِل وَيَأْتِي بِهِ لدفع هَذَا الْقَضَاء النَّازِل فَرَحل رَابِع عشر جُمَادَى الأولى والتقى بِعَمِّهِ بصفين وَطلب مِنْهُ الرُّجُوع مَعَه إِلَى دمشق فَفعل وَوصل الْعَادِل إِلَيْهَا تَاسِع جُمَادَى الْآخِرَة وتخلف عَنهُ الْأَفْضَل وَقد قصد حلب للاستظهار بأَخيه الظَّاهِر فوثق مَعَه الْأَيْمَان على مَا كَانَا عَلَيْهِ من الصفاء وَكَذَلِكَ فعل بِابْن تَقِيّ الدّين بحماة وَوصل إِلَى دمشق وَاجْتمعَ مَعَ عَمه الْعَادِل
وَكَانَ الْعَادِل أبدا يُشِير بِصَرْف الْوَزير الْجَزرِي وَكَانَ قد استولى على الْأَفْضَل فَلم يقبل فَكَانَ الْعَادِل أبدا مغتما لذَلِك فَبَالغ الْأَفْضَل فِي إكرام عَمه وَإِزَالَة غمه حَتَّى ترك لَهُ سنجقه وَصَارَ يركب فِي خدمَة عَمه وضاق أَخُوهُ الظافر من هَذِه الْحَال
وَكَانَ الظَّاهِر قد نفر عَلَيْهِ جمَاعَة من الْمُلُوك والأمراء مِمَّن هم فِي طَاعَته من جُمْلَتهمْ صَاحب حماة وَعز الدّين بن الْمُقدم صَاحب بارين فراسلا الْعَادِل فِي الِاعْتِصَام بِهِ وَكَانَ من جَمَاعَتهمْ بدر الدّين دلدرم بن بهاء الدولة بن ياروق صَاحب تل بَاشر فاعتقله الظَّاهِر وَبني عَمه وَطلب مِنْهُ تَسْلِيم حصنه فشفع الْعَادِل فيهم وكفل أَنه يَكفهمْ ويكفيهم واستصحبهم إِلَى دمشق فَطلب مِنْهُ الظَّاهِر الْوَفَاء بضمانه فَتعذر عَلَيْهِ ردهم وتيسر لَهُ ودهم فَغَضب الظَّاهِر لذَلِك وراسل الْعَزِيز يحثه على الاسراع فِي الْقدوم فَأقبل الْعَزِيز وخيم بالفوار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute