قَالَ وَلما اسْتَقر الْأَفْضَل بِمصْر حملوه على قصد دمشق وحصرها وَقَالُوا لَهُ اطلب بلدك الَّذِي مِنْهُ أخرجت وَعَن الْمقَام فِيهِ أزعجت وَمَالك فِي مصر مَا يَكْفِيك ودمشق لَك بِوَصِيَّة أَبِيك وجاءته رسل أَخِيه الظَّاهِر من حلب وهداياه وَقَالَ لَهُ انتهز الفرصة فعمنا عَنَّا مَشْغُول وَإِلَى أَن يتم من ماردين مُرَاده وينضم إِلَى بياضه سوَاده تخرج دمشق عَن يَده وتعجله الْيَوْم فِيهَا عَن غده وَأَنا أصل إِلَيْك وأقدم عَلَيْك بالبنود والجنود والأساود وَالْأسود فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى خرج بالعسكر واستناب سيف الدّين يازكوج مَكَانَهُ
قَالَ وَوصل إِلَى الْملك الْعَادِل الْأَمِير سراسنقر أحد الْأُمَرَاء الناصرية المفارقين فاستحثه على مُفَارقَة ماردين وتواصل من الناصرية جمَاعَة بعده وَعِنْدهم من الاستحثاث مَا عِنْده فحركه القَوْل وتجرد عَن الْعَسْكَر واستصحب مَعَه الأميرين عز الدّين بن الْمُقدم وَبدر الدّين دلدرم وسرى لَيْلًا لخمس بَقينَ من رَجَب وَأوصى وَلَده الْكَامِل أَن يسير فِي مضايقة حصن ماردين بسيرته ويقتدي بعزمته
وَوصل إِلَى دمشق يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر شعْبَان وَأخذ فِي تحصين الْبِلَاد ووصلت العساكر المصرية يَوْم الْخَمِيس وأحاطت بِدِمَشْق ودخلها جمَاعَة مِنْهُم من بَاب السَّلامَة بلغُوا إِلَى السُّوق الْكَبِير وأعلنوا الْفَتْح بِالتَّكْبِيرِ وَلم يتبعهُم أحد على هَذَا التَّدْبِير فَخَرجُوا من بَاب الفراديس وكروا على أَعْقَابهم لمن وقف لَهُم من الكراديس