طَاهِر قريب من هَذَا لكنه أحضر الْحَاكِم عِنْده وَلم يمض إِلَيْهِ وَقد بَلغنِي أَن نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى استُدعى مرّة أُخْرَى بحلب إِلَى مجْلِس الحكم بِنَفسِهِ أَو نَائِبه فَدخل حَاجِبه عَلَيْهِ مُتَعَجِّبا وأعلمه أَن رَسُول الْحَاكِم بِالْبَابِ فَأنْكر عَلَيْهِ تعجبه وَقَامَ رَحمَه الله مسرعا وَوجد فِي أثْنَاء طَرِيقه مَا مَنعه من العبور من حفر جب بعض الحشوش واستخراج مَا فِيهِ فَوكل من ثمَّ وَكيلا واشهد عَلَيْهِ شَاهِدين بِالتَّوْكِيلِ وَرجع
قَالَ ابْن الْأَثِير وَمن عدله انه لم يكن يُعَاقب الْعقُوبَة الَّتِي يُعَاقب بهَا الْمُلُوك فِي هَذِه الْأَعْصَار على الظنة والتهمة بل يطْلب الشُّهُود على الْمُتَّهم فَإِن قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عاقبه الْعقُوبَة الشَّرْعِيَّة من غير تعد فَدفع الله بِهَذَا الْفِعْل عَن النَّاس من الشَّرّ مَا يُوجد فِي غير ولَايَته مَعَ شدَّة السياسة وَالْمُبَالغَة فِي الْعقُوبَة وَالْأَخْذ بالظنة وَأمنت بِلَاده مَعَ سعتها وَقل المفسدون ببركة الْعدْل وَاتِّبَاع الشَّرْع المطهر
قَالَ وَحكى لي من أَثِق بِهِ أَنه دخل يَوْمًا إِلَى خزانَة المَال فَرَأى فِيهَا مَالا أنكرهُ فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل إِن القَاضِي كَمَال الدّين أرْسلهُ وَهُوَ من جِهَة كَذَا فَقَالَ إِن هَذَا المَال لَيْسَ لنا وَلَا لبيت المَال فِي هَذِه الْجِهَة شَيْء
وَأمر برده وإعادته إِلَى كَمَال الدّين ليَرُدهُ على صَاحبه فَأرْسلهُ مُتَوَلِّي الخزانة إِلَى كَمَال الدّين فَرده إِلَى الخزانة وَقَالَ إِذا سَالَ الْملك الْعَادِل عَنهُ فَقولُوا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute