للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عني إِنَّه لَهُ فَدخل نور الدّين الخزانة مرّة أُخْرَى فَرَآهُ فَأنْكر على النواب وَقَالَ ألم أقل لكم يُعَاد هَذَا المَال على أَصْحَابه فَذكرُوا لَهُ قَول كَمَال الدّين فَرده إِلَيْهِ وَقَالَ للرسول قل لكَمَال الدّين أَنْت تقدر على حمل هَذَا وَأما أَنا فرقبتي دقيقة لَا أُطِيق حمله والمخاصمة عَلَيْهِ بَين يَدي الله تَعَالَى يُعاد قولا وَاحِدًا

قَالَ وَمن عدله أَيْضا بعد مَوته وَهُوَ من أعجب مَا يحْكى أَن إنْسَانا كَانَ بِدِمَشْق غَرِيبا استوطنها وَأقَام بهَا لما رأى من عدل نور الدّين رَحمَه الله فَلَمَّا توفى تعدى بعض الأجناد على هَذَا الرجل فَشَكَاهُ فَلم ينصف فَنزل من القلعة وَهُوَ يستغيث ويبكي وَقد شقّ ثَوْبه وَيَقُول يَا نور الدّين لَو رَأَيْتنَا وَمَا نَحن فِيهِ من الظُّلم لرحمتنا أَيْن عدلك وَقصد تربة نور الدّين وَمَعَهُ من الْخلق مَا لَا يُحْصى وَكلهمْ يبكي ويصيح فوصل الْخَبَر إِلَى صَلَاح الدّين وَقيل لَهُ احفظ الْبَلَد والرعية وَإِلَّا خرج عَن يدك فَأرْسل إِلَى ذَلِك الرجل وَهُوَ عِنْد تربة نور الدّين يبكي وَالنَّاس مَعَه فطيب قلبه ووهبه شَيْئا وأنصفه فَبكى أَشد من الأول فَقَالَ لَهُ صَلَاح الدّين لم تبْكي قَالَ أبكى على سُلْطَان عدل فِينَا بعد مَوته فَقَالَ صَلَاح الدّين هَذَا هُوَ الْحق وكل مَا ترى فِينَا من عدل فَمِنْهُ تعلمناه

قلت وَمن عدله أَن بنى دَار الْعدْل قَالَ ابْن الْأَثِير كَانَ نور الدّين رَحمَه الله أول من بنى دَارا للكشف وسماها دَار الْعدْل وَكَانَ سَبَب بنائها أَنه لما طَال مقَامه بِدِمَشْق وَأقَام بهَا أمراؤه وَفِيهِمْ أَسد الدّين شيركوه وَهُوَ أكبر أَمِير مَعَه وَقد عظم شَأْنه وَعلا مَكَانَهُ حَتَّى صَار كَأَنَّهُ شريك فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>