للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ قد عرض لنُور الدّين مرض تزايد بِهِ بِحَيْثُ أَضْعَف قوته وَوَقع الإرجاف بِهِ من حساد دولته والمفسدين من عوام رَعيته وارتاعت الرعايا وأعيان الأجناد وَضَاقَتْ صُدُور قطان الثغور والبلاد خوفًا عَلَيْهِ وإشفاقا من سوء يصل إِلَيْهِ لَا سِيمَا مَعَ أَخْبَار الرّوم والفرنج وَلما أحس من نَفسه بالضعف تقدم إِلَى خَواص أَصْحَابه وَقَالَ لَهُم إِنَّنِي قد عزمت على وَصِيّه إِلَيْكُم بِمَا قد وَقع فِي نَفسِي فكونوا لَهَا سَامِعين مُطِيعِينَ وبشروطها عاملين

إِنِّي مُشفق على الرعايا وكافة الْمُسلمين مِمَّن يكون بعدى من الْوُلَاة الْجَاهِلين والظلمة الجائرين فَإِن أخي نصْرَة الدّين أعرف من أخلاقه وَسُوء أَفعاله مَا لَا أرتضي مَعَه بتوليته أمرا من أُمُور الْمُسلمين وَقد وَقع اخْتِيَاري على أخي الْأَمِير قطب الدّين مودود مُتَوَلِّي الْموصل لما يرجع إِلَيْهِ من عقل وسداد وَدين وَصِحَّة اعْتِقَاد

فَحَلَفُوا لَهُ وأنفذ رسله إِلَى أَخِيه بإعلامه صُورَة الْحَال ليَكُون لَهَا مستعدا

ثمَّ تفضل الله تَعَالَى بإبلاله من الْمَرَض وتزايد الْقُوَّة فِي النَّفس والحس وَجلسَ للدخول إِلَيْهِ وَالسَّلَام عَلَيْهِ

وَكَانَ الْأَمِير مجد الدّين النَّائِب فِي حلب قد رتب فِي الطرقات من يحفظ السالكين فِيهَا فظفر الْمُقِيم فِي منبج بِرَجُل حمال من أهل دمشق وَمَعَهُ كتب فأنفذ بهَا إِلَى مجد الدّين مُتَوَلِّي حلب فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أَمر بصلب متحملها وأنفذها فِي الْحَال إِلَى نور الدّين فَوَجَدَهَا من أَمِين الدّين زين الْحَاج أَبى الْقَاسِم مُتَوَلِّي ديوانه وَمن عز الدّين وَالِي القلعة مَمْلُوكه وَمن مُحَمَّد بن جفرى أحد حجابه إِلَى أَخِيه نصْرَة الدّين أَمِير أميران صَاحب حران بإعلامه بِوُقُوع الْيَأْس من أَخِيه ويحضونه على الْمُبَادرَة والإسراع إِلَى دمشق لتسلم إِلَيْهِ

فَلَمَّا عرف نور الدّين ذَلِك عرض الْكتب على أَرْبَابهَا فَاعْتَرفُوا بهَا فَأمر باعتقالهم وَكَانَ رابعهم سعد الدّين

<<  <  ج: ص:  >  >>