حَدثنِي بعض الْأُمَرَاء قَالَ أقبل العاضد على السُّلْطَان الْملك النَّاصِر وأحبه محبَّة عَظِيمَة وَبلغ من محبته لَهُ أَنه كَانَ يدْخل إِلَيْهِ إِلَى الْقصر رَاكِبًا فَإِذا حصل عِنْده أَقَامَ مَعَه فِي قصره الْيَوْم وَالْعشرَة لايعلم أَيْن مقره
قَالَ وَلما استولى الْملك النَّاصِر على الوزارة وَمَال إِلَيْهِ العاضد وحكَّمه فِي مَاله وبلاده حسده من كَانَ مَعَه بالديار المصرية من الْأُمَرَاء الشامية كَابْن ياروق وجرديك وَجَمَاعَة من غلْمَان نور الدّين ثمَّ إِنَّهُم فارقوه وصاروا إِلَى الشَّام
وحَدثني أبي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ حَدثنِي جمَاعَة من أَصْحَاب نور الدّين أَن نور الدّين لما اتَّصل بِهِ وَفَاة أَسد الدّين ووزارة صَلَاح الدّين وَمَا قد انْعَقَد لَهُ من الْمحبَّة فِي قُلُوب الرعايا أعظم ذَلِك وأكبره وتأفف مِنْهُ وَأنْكرهُ وَقَالَ كَيفَ أقدم صَلَاح الدّين أَن يفعل شَيْئا بِغَيْر أَمْرِي وَكتب فِي ذَلِك عدَّة كتب فَلم يلْتَفت الْملك النَّاصِر إِلَى قَوْله إِلَّا أَنه لم يخرج عَن طَاعَته وَأمره وَأَنه مَا فَارق قبُول رَأْيه وإشارته وَأمر نور الدّين من بِالشَّام من أهل صَلَاح الدّين وَأَصْحَابه بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ وَطلب مِنْهُ حِسَاب مصر وَمَا صَار إِلَيْهِ وَكَانَ كثيرا مَا يَقُول ملك ابْن أَيُّوب