وَلم يبْق لَهُ من ملك الشَّام إِلَّا مَا وطئته رجله فناصبناه الْحصار فِي لَيْلَة السبت مستهل ربيع الآخر بالركوب إِلَيْهِ وَالْوُقُوف عَلَيْهِ لَعَلَّه يبرز ويبارز وَيخرج وَلَا يحاجز فخرست غماغمه واستذابت ضراغمه فتركناه وَرَاء ظُهُورنَا وَجَعَلنَا بِلَاده أَمَام صدورنا فَكُنَّا فِي تَوليته مرضين لله تَعَالَى سُبْحَانَهُ لَا مغضبين وَفِي تَركه وَرَاء ظُهُورنَا ومباعدته من الله متقربين
وواجهنا غَزَّة بعساكرنا المنصورة وأطفنا بهَا فِي أحسن صُورَة وَهِي على مَا علم من كَونهَا بكرا لم تفترعها الْحَوَادِث وحصانا لم يطمثها أمل طامث وَهِي معقل الديوية الَّذين هم جَمْرَة الشّرك وداهية الْإِفْك وأتى الله ببنيانها من الْقَوَاعِد وأنجز فِيهَا من النّصر صَادِق المواعد ووردناها بأيمن الْمَوَارِد وفتحناها من عدَّة جَوَانِب ووطئناها وَإِذا هِيَ كأمس الذَّاهِب فألْقَت إِلَيْنَا أفلاذ كَبِدهَا وذخيرة يَدهَا فَمن بَين مواش تخرب الْبِلَاد الَّتِي مِنْهَا خرجت وخيول مسومة كَأَنَّهَا لركوبنا أُسرجت وأُلجمت وحوامل أثقال وزوامل خففت عَن عساكرنا وفرجت وميرة كَثِيرَة تمكنت فِيهَا يَد الأجناد وأفرجت وأسارى الْمُسلمين فكوا من الْقَيْد وَالْقد وأنقذوا بلطف الله من سوء الملكة وَشدَّة الْجهد وَأما الرؤوس المقطوعة وأسارى الفرنج الَّذين أَيْديهم إِلَى أَعْنَاقهم مَجْمُوعَة فَإِن الفضاء الفضي تعصفر من دِمَائِهِمْ وَتذهب وَجرى مِنْهَا مَا بِهِ اضطرم وَقد الْجَحِيم وتلهب وَفِي الْحَال أمرنَا بالنَّار أَن تشتغل بهَا وتشتعل وبالهدم أَن ينْقل عَنْهَا معاوله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute