واحتاط السُّلْطَان على أهل العاضد وَأَوْلَاده فِي مَوضِع خَارج الْقصر جعله برسمهم على الِانْفِرَاد وَقرر لَهُم مَا يكفيهم وَجعل أَمرهم إِلَى قراقوش الْخَادِم وفرّق بَين النِّسَاء وَالرِّجَال ليَكُون ذَلِك أسْرع إِلَى انقراضهم واستعرض من بِالْقصرِ من الْجَوَارِي وَالْعَبِيد وَالْعدة والعديد والطريف والتليد فَأطلق مَنْ كَانَ مِنْهُم حرا وَأعْتق من رأى إِعْتَاقه ووهب من أَرَادَ هِبته وَفرق على الْأُمَرَاء وَالْأَصْحَاب من نفائس الْقصر وذخائره شَيْئا كثيرا وَحصل هُوَ على اليتيمات وَقطع البلخش والياقوت وقضيب الزمرد وَأطلق البيع بعد ذَلِك فِي كل جَدِيد وعتيق فَأَقَامَ البيع فِي الْقصر مدّة عشر سِنِين
قَالَ وَمن جملَة مَا باعوا خزانَة الْكتب وَكَانَت من عجائب الدُّنْيَا وَيُقَال إِنَّه لم يكن فِي جَمِيع بِلَاد الْإِسْلَام دَار كتب أعظم من الدَّار الَّتِي بِالْقَاهِرَةِ فِي الْقصر وَمن عجائبها أَنه كَانَ بهَا ألف ومئتان وَعِشْرُونَ نُسْخَة بتاريخ الطَّبَرِيّ وَيُقَال إِنَّهَا كَانَت تحتوى على ألفي ألف وست مئة ألف كتاب وَكَانَ فِيهَا من الخطوط المنسوبة أَشْيَاء كَثِيرَة وَحصل القَاضِي الْفَاضِل نخبها وَذَلِكَ أَنه دخل إِلَيْهَا واعتبرها فكلّ كتاب صلح لَهُ قطع جلده ورماه فِي بركَة كَانَت هُنَاكَ فَلَمَّا فرغ النَّاس من شِرَاء الْكتب اشْترى تِلْكَ الْكتب الَّتِي أَلْقَاهَا فِي الْبركَة على انها مخرومات ثمَّ جمعهَا بعد ذَلِك