للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ طلب خُرُوج الْأَمر بخطاب جَمِيع مُلُوك الْأَطْرَاف أَن يَكُونُوا للمملوك على الْمُشْركين أعوانا وَأَن يمتثل أَمر نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَن يَكُونُوا بنيانا فيعضدوه إِذا سعى ويلبوه إِذا دَعَا وَلَا يقعدوا عَن المعاضدة فِي فتح الْبَيْت المقدّس الَّذِي طابت النُّفُوس عَن ثاره وتطأطأت الرؤوس تَحت عاره وَصَارَت الْقُلُوب صَخْرَة لَا ترق على صخرته والعزائم قاصية عَن تَطْهِير أقصاه من رِجْس الشّرك ومعرّته فَإِن قعدت بهم العزائم وأخذتهم فِي الله لومةُ لائم فَلَا أقلّ من أَلا يَكُونُوا أعوانا عَلَيْهِ يلفتونه عَن قَصده حريصين على إِيصَال الْمَكْرُوه إِلَيْهِ

وَقَالَ ابْن شَدَّاد لمّا وَقعت الْوَقْعَة الأولى مَعَ الحلبيين والمواصلة كَانَ سيف الدّين صَاحب الْموصل على سنجار يُحاصر أَخَاهُ عماد الدّين بِقصد أَخذهَا مِنْهُ ودخوله فِي طَاعَته وَكَانَ أَخُوهُ قد أظهر الانتماء إِلَى السّلطان صَلَاح الدّين واعتصم بذلك وَاشْتَدَّ سيف الدّين فِي حِصَار الْمَكَان وضربْه بالمنجنيق حتّى استُهدم من سوره ثلُم كَثِيرَة وأشرف على الْأَخْذ فَبَلغهُ وُقُوع هَذِه الْوَاقِعَة فخاف أَن يبلغ ذَلِك أَخَاهُ فيشتد أمره ويقوى جأشه فراسله فِي الصّلح فَصَالحه

ثمَّ سَار من وقته إِلَى نَصِيبين واهتمّ بِجمع العساكر والإنفاق فِيهَا وَسَار حَتَّى أَتَى الْفُرَات وَعبر بالبيرة وخيّم على جَانب الْفُرَات الشَّامي وراسل كمشتكين وَالْملك الصَّالح حَتَّى تَسْتَقِر قَاعِدَة يصل عَلَيْهَا إِلَيْهِم فوصل كمشتكين إِلَيْهِ وَجَرت مراجعات كَثِيرَة عزم فِيهَا على العوّد مرَارًا حَتَّى أستقرّ اجتماعه بِالْملكِ الصَّالح وسمحوا بِهِ وَسَار وَوصل حلب

<<  <  ج: ص:  >  >>