للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قَالَ ابْن الْأَثِير فَلَمَّا أيس من نَفسه أحضر الْأُمَرَاء كلهم وَسَائِر الأجناد واستحلفهم لِابْنِ عَمه أتابك عز الدّين وَأمرهمْ بِتَسْلِيم مَمْلَكَته جَمِيعهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَعضهم إِن ابْن عمك عز الدّين لَهُ الْموصل وَغَيرهَا من الْبِلَاد من همذان إِلَى الْفُرَات فَلَو أوصيت بحلب لِابْنِ عمك عماد الدّين لَكَانَ أحسن ثمَّ هُوَ تربية والدك وَزوج أختك وَهُوَ أَيْضا عديم الْمثل فِي الشجَاعَة وَالْعقل وَالتَّدْبِير وَشرف الأعراق وطهارة الْأَخْلَاق والخلال الَّتِي تفرد بهَا

فَقَالَ إِن هَذَا لم يغب عني وَلَكِن قد علمْتُم تغلب صَلَاح الدّين على عَامَّة بِلَاد الشَّام سوى مَا بيَدي وَمَعِي فَإِن سلمت حلب إِلَى عماد الدّين يعجز عَن حفظهَا من صَلَاح الدّين وَإِن ملكهَا صَلَاح الدّين فَلَا يبْقى لأهلنا مَعَه مقَام وَإِذا سلمتها إِلَى عز الدّين أمكنه أَن يحفظها لِكَثْرَة عساكره وبلاده وأمواله

فَاسْتحْسن الْحَاضِرُونَ قَوْله وَعَلمُوا صِحَّته وعجبوا من جودة رَأْيه مَعَ شدَّة مَرضه وَمن أشبه أَبَاهُ فَمَا ظلم

فَلَمَّا توفّي أرسل دزدار حلب وَهُوَ شاذبخت وَسَائِر الْأُمَرَاء إِلَى أتابك عز الدّين يَدعُونَهُ إِلَى حلب ليسلموها إِلَيْهِ فورد الْخَبَر وَمُجاهد الدّين قايماز قد سَار إِلَى ماردين لمهم عرض فلقي القاصدين عِنْدهَا فأخبروه الْخَبَر فَسَار إِلَى الْفُرَات وَأرْسل إِلَى أتابك عز الدّين يعرفهُ الْحَال وَيُشِير بتعجيل الْحَرَكَة وَأقَام

<<  <  ج: ص:  >  >>