هل العمل إذا كان شاقاً على النفس كان أعظم للأجر؟ وما رأيك فيمن يقول: أحج على بعير أو على قدمي لأنه أعظم للأجر، ويأخذ هذا من حديث عائشة رضي الله عنها عندما أمرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تعتمر من التنعيم؟
الجواب
الجواب على هذا أن نقول: المشقة إن كانت من لازم فعل العمل فإنك تؤجر عليها، وإن كانت من فعلك فإنك لا تؤجر عليها بل ربما تأثم عليها، فمثلاً: إذا كان الإنسان حج على سيارة أو طيارة لكن في أثناء المناسك حصل له تعب من الشمس أو من البرد في أيام الشتاء أو ما أشبه ذلك فإنه يؤجر على هذه المشقة لأنها حصلت بغير فعله، أما لو كانت المشقة بفعله مثل أن يتعرض هو بنفسه للشمس فإنه لا يؤجر على هذا، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد نذر أن يقف بالشمس منعه عن ذلك ونهاه؛ لأن تعذيب الإنسان لنفسه إساءة إليها وظلم لها والله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين.
فالحاصل: أن المشقة الحاصلة في العبادة إن كانت بفعلك فأنت غير مأجور عليها، وإن كانت بغير فعلك فأنت مأجور عليها، وأما حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تخرج إلى التنعيم فليس هذا من باب طلب المشقة ولكن لأنه لا يمكن للإنسان أن يحرم بالعمرة من الحرم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عبد الرحمن بن أبي بكر وقد أمره أن يخرج بـ عائشة:(اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة) فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الحكمة من خروجها إلى التنعيم هو أن تخرج من الحرم لتأتي بالعمرة من الحل، إذ لا يمكن للإنسان أن يأتي بالعمرة من الحرم.