إذاً: الأفضل في حق المسافر بالنسبة للصلاة القصر، فهو سنة مؤكدة جداً، أما بالنسبة للجمع فله أن يجمع، سواء كان سائراً أم نازلاً، أي سواء جد من السير أم لم يجد من السير، لأن السفر إذا كان الشرع قد رخص فيه بنقص الصلاة نقص كميتها، فكذلك نقص صفة من صفاتها وهي الجماعة وهو إفرادها في وقتها، ولأن ظاهر حديث أبي جحيفة حين وصف خروج النبي صلى الله عليه وسلم من خيمته في الأبطح في مكة المكرمة أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، لأنه لا ذكر أنه خرج من الخيمة فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، فظاهر هذا أنه جمع بينهما مع أنه كان نازلاً.
ولكن إن كان المسافر سائراً فالجمع أفضل من عدم الجمع، وإن كان نازلاً فترك الجمع أفضل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجمع في منى في حجة الوداع حين كان نازلاً، إذاً: الجمع هل هو من رخص السفر كالقصر يسير مطلقاً أو فيه تفصيل؟ فيه تفصيل: إن كان الإنسان نازلاً فترك الجمع أفضل، وإن كان سائراً فالجمع أفضل، فإذا قال قائل: هل الأفضل جمع التقديم أو جمع التأخير؟ ف
الجواب
إن الأفضل ما كان أيسر له، إن كان الأيسر له جمع التقديم فجمع التقديم أفضل، وإن كان الأيسر جمع التأخير فجمع التأخير أفضل، فمثلاً: إذا دخل وقت الصلاة الأولى وهو سائر والسير مستمر، فما هو الأيسر عليه؟ التأخير، وإذا دخل وقت الأولى قبل أن يركب فالأيسر له التقديم، وهكذا كان فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، وإن زالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ركب، فصار الجمع تقديماً أو تأخيراً حسب ما هو أيسر للإنسان.