للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العلة من إعفاء اللحى]

السؤال

يقول بعض من ينتسبون إلى العلم: بأن علة إعفاء اللحى مخالفة المجوس والنصارى كما في الحديث, وهي علة ليست بقائمة الآن لأنهم لا يعفون؟ الشيخ: نعم.

جوابنا على هذا من وجهين: الوجه الأول: أن إعفاء اللحية ليس من أجل المخالفة فحسب؛ بل ومن الفطرة، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، فإن إعفاء اللحى من الفطرة التي فطر الله الناس عليها, وعلى استحسانها، واستقباح ما سواها.

ثانياً: أن اليهود والنصارى والمجوس الآن لا يعفون لحاهم كلهم, ولا ربعهم, بل أكثرهم يحلقون لحاهم، كما هو مشاهَدٌ وواقع.

ووجه ثالث أيضاًَ: أن الحكم إذا ثبت شرعاً من أجل معنى فِعْل، وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام فإنه يبقى ولو زال السبب, ألا ترى إلى الرَّمَل في الطواف كان سببه أن يظهر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجَلَد والقوة أمام المشركين الذين قالوا: إنه يقْدُم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب , ومع ذلك فقد زالت هذه العلة وبطُل الحكم, حيث رَمَل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

فالحاصل: أن الواجب على المؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يقول: سمعنا وأطعنا, كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور:٥١ - ٥٢]، ولا يكونوا كالذين قالوا: سمعنا وعصينا, أو يلتمسوا العلل الواهية، والأعذار التي لا أصل لها, فإن هذا شأن من لم يكن مستسلماً غاية الاستسلام لأمر الله ورسوله, يقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:٣٦] ويقول الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:٦٥] ولا أدري عن هذا الذي يقول مثل هذا الكلام، هل يستطيع أن يواجه به ربه يوم القيامة؟! فعلينا أن نسمع ونطيع، وأن نمتثل أمر الله ورسوله على كل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>