للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسائل متعلقة بالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة]

ونحن نقف الآن لنذكر بعض المسائل المتعلقة بالوقوف والمبيت في مزدلفة: في الوقوف لو أن الإنسان وقف خارج حدود عرفة وانصرف وهو لم يقف بـ عرفة، فماذا يكون حجه؟

الجواب

لا حج له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) ومن هنا نعلم أنه يتأكد علينا أن نتأكد من حدود عرفة؛ لأن بعض الناس ينزلون قبل أن يصلوا إلى عرفة ويبقون هناك وينصرفون إذا غابت الشمس من مكانهم، وهؤلاء رجعوا بلا حج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحج عرفة) فيجب علينا أن نتأكد من الحدود، والحدود ولله الحمد مبينة؛ فيها علامات ظاهرة واضحة، وهناك أناس مرشدون يرشدون الناس ويبينون لهم أنهم خارج الحدود.

ثانياً: هل من السنة أن تشق على نفسك لتصل إلى الموضع الذي وقف فيه عليه الصلاة والسلام؟ لا.

ليس هذا من السنة، بل السنة أن تقف في مكانك إذا كان يشق عليك الذهاب، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) وفي هذا -والله أعلم- إشارة إلى أننا لا نكلف أنفسنا بالذهاب إلى موقف الرسول عليه الصلاة والسلام فالأمر واسع والحمد لله، والإنسان إذا ذهب يخشى عليه من الشمس والحر والعطش والاختلاط بالنساء عند الجبل وربما يضيع ويتيه، فيتعب هو ويُتعِب رفقاءه أيضاً.

ثالثاً: هل المشروع استقبال الجبل أو استقبال القبلة ولو كان الجبل خلف ظهرك؟ الجواب: الثاني، المشروع استقبال القبلة ولو كان الجبل خلف ظهرك، فالجبل ما هو إلا علامة للمكان الذي وقف فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس له أي مزية على بقية أرض عرفة، فاستقبال القبلة حال الدعاء هو المشهور دون استقبال الجبل، أما إذا كنت خلف الجبل من الناحية الشرقية فيحسن لك استقبال الجبل واستقبال القبلة معاً.

المسألة الرابعة: هل يجوز للإنسان أن يدفع من عرفة قبل غروب الشمس؟ الجواب: لا.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس، وقال: (خذوا عني مناسككم) ولو كان الدفع من عرفة قبل الغروب جائزاً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أيسر للأمة إذا دفعوا في النهار، فلما لم يفعل ذلك علم أنه حرام، وأنه لا يجوز للإنسان أن يدفع قبل غروب الشمس، بل يجب أن ينتظر حتى يتيقن غروب الشمس أو يغلب على ظنه، وإذا كنا معشر المسلمين لا نفطر ونحن صائمون إلا إذا غربت الشمس فلا يجوز لنا أن نسير من عرفة إلا إذا غربت الشمس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس.

ولكن لو دفع قبل أن تغرب الشمس، فماذا يكون؟ نقول: إنه يكون آثماً، عاصياً وعليه دم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء؛ لأنه ترك واجباً من الواجبات، وقد قال أهل العلم: كل من ترك واجباً من واجبات الحج فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.

في مزدلفة ذكرنا أنه يصلي المغرب العشاء في مزدلفة، ولكن لو فرض أن السيارة تعطلت ولم يصل إلى مزدلفة، أي: أنه انتصف الليل قبل أن يصل إلى مزدلفة، هل يؤخر صلاة المغرب والعشاء إلى ما بعد نصف الليل؟ لا.

لا يجوز أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء إلى ما بعد نصف الليل، بل إذا خاف أن ينتصف الليل وهو لم يصل إلى مزدلفة وجب إن يصلي ولو في الطريق، ولا يجوز أن يؤخر إلى ما بعد نصف الليل.

ثانياً: فهمنا أن الإنسان يبقى حتى يصلي الفجر ويدعو الله تعالى ثم ينصرف بعد أن يسفر، لكن لو دفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر، فهل هذا جائز؟ الجواب: إذا كان الإنسان يشق عليه أن يزاحم الناس فإنه لا بأس عليه أن يدفع في آخر الليل ويرمي الجمرة؛ جمرة العقبة، وأما إذا كان قوياً لا يخشى على نفسه من الزحام فإن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في مزدلفة حتى صلى الفجر ووقف ودفع، ولكن إذا كانت الرفقة فيهم ضعفاء كثيرون يحتاجون إلى أن ينصرفوا من مزدلفة قبل الفجر فماذا يكون الحكم؟ الحكم أن يدفعوا جميعاً إذا كان لا يمكن البقاء في مزدلفة، أما إذا كان يمكن كما لو كان أحد الركاب ليس معه امرأة وليس معه ضعيف يستطيع أن يبقى في مزدلفة ويأتي إلى منى بنفسه فهذا يبقى، لكن إذا كان لا يمكن فليدفعوا جميعاً وإذا وصلوا إلى منى فالضعيف يرمي الجمرات متى وصل والقوي الأفضل له أن يؤخر حتى تطلع الشمس، وإن رمى مع رفقائه فلا بأس.

ثالثاً: هل يلزم الإنسان أن يلقط الحصى من مزدلفة؟ لا.

لا يلزم بل ولا يسن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يأمر أمته به، فلم يلقط الحصى من مزدلفة ولا أمر الأمة أن يأخذوا من مزدلفة، وإنما استحبه بعض التابعين، قال: لأجل أن يكون متهيئاً ومتأهباً لرمي الجمرة أول ما يصل إلى منى، ولكن هذا لا أصل له من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا يلقط الحصى من مزدلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>