١٥٣ حكيم بن جبلة العبدي من قبائل عبد القيس، أصلهم من عمان وسواحل الخليج الفارسي*، وتوطن بالبصرة بعد تمصيرها، وكان حكيم هذا شابًّا شجاعًا، وكانت الجيوش الإسلامية التي تزحف نحو الشرق لنشر الدعوة والفتوح تصدر عن البصرة والكوفة، فكان حكيم بن جبلة يرافق هذه الجيوش. ويجازف في بعض حملات الخطر، كما تفعل كتائب "الكوماندوز" في هذا العصر. وقد استعملته جيوش أمير المؤمنين عثمان في إحدى هذه المهمات عند محاولتها استشكاف الهند، كما نوهت بذلك في مقالة "طلائع الإسلام في الهند"، ويؤكد شيوخ سيف بن عمر التميمي "وهو أعرف المؤرخين بتاريخ العراق" على ما نقله عنه الطبري ٩٠:٥ أن حكيم بن جبلة كان إذا قفلت الجيوش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس، فيغير على أهل الذمة ويتنكر لهم ويفسد في الأرض ويصيب ما شاء ثم يرجع، فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر أن أحبسه ومن كان مثله فلا يخرجن من البصرة حتى تأنسوا منه رشدًا، فحبسه "أي منعه من مبارحة البصرة". فلما قدم عبد الله بن سبأ البصرة نزل على حكيم بن جبلة، واجتمع إليه نفر، فنفث فيهم سمومه، فأخرج ابن عامر عبد الله بن سبأ من البصرة، فأتى الكوفة فأخرج منها، ومن هناك رحل ابن سبأ إلى الفسطاط ولبث فيه وجعل يكاتبهم ويكاتبونه، ويختلف الرجال بينهم، وذكر الطبري ١٠٤:٥ أن السبئية لما قرروا الزحف من الأمصار على مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان عدد من خرج منهم من البصرة كعدد من خرج من مصر، وهم مقسمون كذلك إلى أربع فرق، والأمير على إحدى هذه الفرق حكيم بن جبلة، ونزلوا في المدينة في مكان يسمى ذا خشب. ولما حصبوا أمير المؤمين عثمان، وهو يخطب على المنبر النبوي كان حكيم بن جبلة واحدا منهم "الطبري: ١٠٦:٥" ولما رحل الثوار عن المدينة في المرة الأولى بعد مناقشتهم لعثمان =