للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موقف علي من قتلة عثمان]

فإن قيل: بايعوه على أن يقتل قتلة عثمان، قلنا: هذا لا يصح في شرط البيعة، وإنما يبايعونه على الحكم بالحق، وهو أن يحضر الطالب للدم، ويحضر المطلوب، وتقع الدعوى، ويكون الجواب، وتقوم البينة، ويقع الحكم، فأما على الهجم عليه بما كان من قول مطلق، أو فعل غير محقق، أو سماع كلام، فليس ذلك في دين الإسلام٢٣٢.

قالت العثمانية: تخلف عنه من الصحابة جماعة، منهم سعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة، وابن عمر، وأسامة بن زيد وسواهم من نظرائهم.

قلنا: أما بيعته فلم يتخلف عنها، وأما نصرته فتخلف عنها قوم، منهم من ذكرتم؛ لأنها كانت مسألة اجتهاد، فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره٢٣٣.


= قوتهم وعنجهية قبائلهم، ولا شك أن عليًّا أعلن البراءة منهم، وأراد أن يتفق مع أصحاب الجمل على ما يمكن الاتفاق عليه في هذا الشأن، فأنشب قتلة عثمان القتال بين معسكر علي ومعسكر أصحاب الجمل، وتمكن أصحاب الجمل من قتل المصريين من قتلة عثمان إلا واحدًا من بني سعد بن زيد مناة بن تميم حمته قبيلته، فلما اتسعت الأمور وسفكت الدماء كان علي في موقف يحتاج فيه إلى بأس هؤلاء المعروفين بأنهم من قتلة عثمان، وفي مقدمتهم الأشتر وأمثاله، وأن كثيرين منهم انقلبوا على علي بعد ذلك، وخرجوا عليه معتقدين كفره.
ويقول علماء السنة والمؤرخون أن الله كان بالمرصاد لقتلة عثمان، فانتقم منهم بالقتل والنكال واحدًا بعد واحد، حتى الذين طال بهم العمر إلى زمن الحجاج كانت عاقبتهم سفك دمائهم؛ جزاء بما قدمت أيديهم، والله أعدل الحاكمين. "خ".
٢٣٣ وانظر التمهيد للباقلاني: صـ ٢٣٣-٢٣٤.

<<  <   >  >>