للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما وقع بين أبي الدرداء ومعاوية]

الناس كلهم، وإنما هي مخصوصة ببعضهم، فكتب إليه عثمان -كما قدمنا- أن يقدم المدينة، فلما قدم اجتمع إليه الناس، فقال لعثمان: "أريد الربذة"٩١. فقال. افعل. فاعتزل، ولم يكن يصلح له إلا ذلك؛ لطريقته٩٣.

٦- ووقع بين أبي الدرداء ومعاوية كلام، وكان أبو الدرداء زاهدًا فاضلًا قاضيًا لهم٩٣، فلما اشتد في الحق، وأخرج طريقة عمر في قوم لم يحتملوها عزلوه٩٤، فخرج إلى المدينة.


٩١ ولقد ذهب ضحية فرية نفى عثمان أبا ذر الشيخ محمد أبو زهرة، فراح يقول في كتابه: المذاهب الإسلامية: ٤٢/١: "فشكا معاوية أبا ذر إلى عثمان، فأحضره إلى المدينة، ثم نفاه إلى الربذة"، هذا خلاف الحقيقة، وقد ثبت لنا ذلك فيما سبق. "م".
٩٢ ذكر القاضي أبو الوليد بن خلدون في: العبر "بقية ١٣٩: ٢"، أن أبا ذر استأذن عثمان في الخروج من المدينة وقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن أخرج منها إذا بلغ البناء سلعا"* فأذن له، ونزل الربذة وبنى بها مسجدًا، وأقطعه عثمان صرمة من الإبل، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه رزقًا، وكان يتعاهد المدينة، وبين المدينة والربذة ثلاثة أميال، قال ياقوت: وكانت من أحسن منزل في طريق مكة.
٩٣ أي في دمشق. "خ".
٩٤ بل إن معاوية نفسه حاول السير على طريقة عمر، كما نقل ذلك الحافظ ابن كثير في: البداية والنهاية: ١٣١: ٨ عن محمد بن سعد قال: حدثنا عارم، حدثنا حماد بن يزيد، عن معمر، عن الزهري "أن معاوية عمل سنتين عمل عمر ما يخرم فيه، ثم أنه بعد عن ذلك". وقد يظن من لا نظر له في حياة الشعوب وسياستها أن الحاكم يستطيع أن يكون كما يريد أن يكون حيثما يكون، وهذا خطأ؛ فللبيئة من التأثير في الحاكم وفي نظام الحكم أكثر مما للحاكم ونظام الحكم** من التأثير على البيئة، وهذا من معاني قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم} . "خ".

<<  <   >  >>