للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحكم الفقهي في موقف عثمان من الدفاع أو الإستسلام]

وبه يتبين -وبأصل المسألة سلوك سبيل الحق- أن أحدًا من الصحابة لم يسع عليه، ولا قعد عنه. ولو استنصر ما غلب ألف أو أربعة آلاف غرباء عشرين ألفًا بلديين أو أكثر من ذلك٢٠٩، ولكنه ألقى بيده إلى المصيبة٢١٠.

وقد اختلف العلماء فيمن نزل به مثلها: هل يلقى بيده، أو يستنصر٢١١، وأجاز بعضهم أن يستسلم ويلقى بيده اقتداء بفعل عثمان، وبتوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك في الفتنة٢١٢

قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: ولقد حكمت بين الناس فألزمتهم الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يكُ [ترى] في الأرض منكر، واشتد الخطب على أهل الغصب، وعظم على الفسقة الكرب فتألبوا


٢٠٩ أين هذه المواقف الشريفة للصحابة دون استثناء واحد منهم مما يزعم السفهاء من أن الصحابة كلهم كانوا راضين بقتله، ويتبرَّءون منه حتى تركوه بعد قتله ثلاثة أيام بلا دفن، كما ذكره مؤلف التحفة الاثني عشرية ورد عليهما بما ألقمهم حجرًا فكان مما قاله: " ... إن هذا كله كذب صريح وبهتان صريح لا يخفى على الصبيان فضلًا عن ذوي العرفان "مختصر التحفة الاثني عشرية٢٦٦". "م".
٢١٠ لأنه اختار بذلك أهون الشرين، فآثر التضحية بنفسه على توسيع دائرة الفتنة وسفك دماء المسلمين، وعثمان افتدى دماء أمته بدمه مختارًا، فما أحسن الكثيرون منا جزاءه، وإن أوربا تعبد بَشَرًا بزعم الفداء، ولم يكن فيه مختارًا. "خ".
٢١١ من سياسة الإسلام أن يختار في كل أقلها شرًّا وأخفها ضررًا، فإذا كانت للخير قوة غالبة تقمع الشر وتضيق دائرته، فالإسلام يهدي إلى قمع الشر بقوة الخير بلا تردد، وإن لم يكن للخير قوة غالبة تقمع الشر وتضيق دائرته -كما كانت الحال في موقف أمير المؤمنين عثمان من البغاة عليه- فمصلحة الإسلام في مثل ما جنح إليه عثمان أعلى الله مقامه في دار الخلود. "خ".
٢١٢ وهي قوله صلى الله عليه وآله وسلم على ما رواه الإمام البخاري في كتاب المناقب ك٦١ ب ٢٥ ج ٤، صـ ١٧٧، وفي كتاب الفتن ك ٩٢ ب٩، ج ٨، صـ ٩٢ من صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم، فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذًا فليعذ به"، وأعلن أبو موسى الأشعري في الكوفة قبل وقعة الجمل أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الطبري: ١٨٨: ٥". "خ".

<<  <   >  >>