وعلى كل حال فإن عثمان لم يضرب ابن مسعود ولم يمنعه عطاءه، وبقى يعرف له قدره كما بقى ابن مسعود على طاعته لإمامه الذي بايع له، وهو يعتقد أنه خير المسلمين وقت البيعة. "خ". ٧٣ روى الطبري: ٩٩: ٥ عن سعيد بن المسيب أنه كان بين عمار وعباس بن عتبة بن أبي لهب خلاف حمل عثمان على أن يؤدبهما عليه بالضرب. قلت: وهذا مما يفعله ولي الأمر في مثل هذه الأحوال قبل عثمان وبعده، وكم فعل عمر مثل ذلك بأمثار عمار ومن هم خير من عمار بما له من حق الولاية على المسلمين، ولما نظم السبأيون حركة الإشاعات، وصاروا يرسلون الكتب من كل مصر إلى الأمصار الأخرى بالأخبار الكاذبة، فأشار الصحابة على عثمان بأن يبعث رجالًا ممن يثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليه بحقيقة الحال، تناسى عثمان ما كان بينه وبين عمار وأرسله إلى مصر؛ ليكون موضع ثقته في كشف حالها، فأبطأ عمار في مصر، والتف به السبأيون؛ ليستميلوه إليهم، فتدارك عثمان وعامله في مصر هذا الأمر وجيء بعمار إلى المدينة مكرمًا، وعاتبه عثمان لما قدم عليه فقال له على ما رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢٩: ٧: يا أبا اليقظان قذفت ابن أبي لهب أن قذفك، وغضبت علي أن أخذت لك بحقك وله بحقه، اللهم قد وهبت ما بيني وبين أمتي من مظلمة، اللهم إني متقرب إليك بإقامة حدودك في كل أحد ولا أبالي، أخرج عني يا عمار فخرج، فكان إذا لقى العوام نضح عن نفسه وانتفى من ذلك، وإذا لقي من يأمنه أقر