للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نقد أخبار ملفقة على وهب بن جرير في تمهيد معاوية لولاية يزيد]

لي من الأمر شيء. فقالت: الحق، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب. فلما تفرق الناس خطب معاوية فقال: من كان يريد أن يتكم في هذا الأمر فيلطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة٤٣٥: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقو: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك واباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدماء وتحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان، فقال حبيب: حظفت وعصمت.

وروى البخاري٤٣٦ أن أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة " وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله وروسهل٤٣٧، وإني لأعلم غدرا أعظم من أن نبايع رجلا على


٤٣٥ حبيب بن مسلمة الفهري مكي كان عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صبيا، ثم التحق بالشام للجهاد، فاشتهرت بطولته، ويعد فاتح أرمينية، ويقال أنه كان قائد النجدة التي خرجت من الشام لإنقاذ عثمان من أيدي البغاة عليه، فجاءها الخبر بشهادته وهي في الطريق فعادت. خ.
٤٣٦ في كتاب الفتن من صحيحه ك٩٢ ب٢١ ج٨ ص٩٩. خ.
٤٣٧ وهذا الخبر المنير الذي يرويه البخاري في صحيحه يفضح الذين زوروا على وهب بن جرير تلك الأخبار المتناقضة بأن عمر وغيرهم لم يبايعوا ليزيد، وان معاوية أقام على رؤوسهم من يقطعها إذا كذبوا فيما افتراه عليهم من أنهم بايعوا لابنه. فتبين الآن انه لم يفتر عليهم، وهذا ابن عمر يعلن في أحرج المواقف- أي ثورة أهل المدينة على يزيد بتحريض ابن الزبير وداعيته ابن مطيع- أن في عنقه كما فيأعناقهم بيعة شرعية لإمامهم على بيع الله ورسوله، وأن من أعظم الغدر أن تبايع الأمة أمامها ثم تنصب له القتال. ولم يكتف ابن عمر بذلك في ترك الثورة على يزيد بن روى مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه ك٣٣ ح٥٨ ج٦ ص٢٢ أن ابن عمر جاء غلى ابن مطيع داعية ابن الزبير ومثير هذه الثورة فقال ابن مطيع: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال ابن عمر: أني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من خلع يدا من طاعة، لقى الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"* وكان

<<  <   >  >>