الإنسانية الأولى في التاريخ التي جرى فيها المتحاربان معًا على مبادئ الفضائل التي يتمنى حكماء الغرب لو يعمل بها في حروبهم، ولو في القرن الحادي والعشرين، وأن كثيرًا من قواعد فقه الحرب في الإسلام لم تكن لتعلم وتدون لولا وقوع هذه الحرب، ولله في كل أمر حكمة. "خ". ٢٨٢ ليس في أهل السنة رجل واحد يتهم عليًّا بقتل عثمان، لا في زماننا ولا في زمانه، وقد مضى الكلام على ذلك في هذا الكتاب، وكل ما في الأمر وجود قتلة عثمان مع علي، وموقف علي منهم، وعذره بينه وبين الله في موقفه هذا. فنحن جميعًا على رأي القعقاع بن عمرو بأن موقف علي موقف ضرورة، غير أن الحمقى من أخباريي الشيعة دسوا على علي أخبارًا تشعر بغير ما كان في قلبه من المحبة والرضا والموالاة والتأييد لعثمان أثناء محنته، فأساءوا بذلك إلى علي من حيث يريدون الإساءة إلى عثمان، أما معاوية وفريقه فلم يذكروا عليًّا في أمر البغي على عثمان إلا لمناسبة انضواء قتلة عثمان إليه واستعانته بهم، فقتلة عثمان هم الذين أساءوا إلى الإسلام وإلى عثمان وإلى علي أيضًا، فالله حسيبهم، ولو أن كل المسلمين كانوا كعبد الرحمن بن خالد بن الوليد في حزمه قبل أن تستفحل الفتنة ويفلت زمام من أيدي العقلاء لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.