للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حديث ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم في عمار: "تقتله الفئة الباغية" ٢٩٣.

وقال في الحسين: "ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، فحسن له خلعه نفسه وإصلاحه٢٩٤.


=
الخير، وإذا اندس فيهم طوائف من أهل الشر فإن من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يَرَهُ، نقل الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ٢٧٧: ٧، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني قاضي أفريقية المتوفى سنة ١٥٦، وكان رجلًا صالحًا من الآمرين بالمعروف -وذكر أهل صفين- فقال: كانوا عربًا يعرف بعضهم بعضًا في الجاهلية، فالتقوا في الإسلام معهم على الحمية وسنة الإسلام، فتصابروا، واستحيوا من الفرار، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم، قال الشعبي: "هم أهل الجنة، لقى بعضهم بعضًا، فلم يفر أحد من أحد". "خ".
٢٩٣ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك لما كانوا يبنون المسجد، فكان الناس ينقلون لبنة لبنة، وعمار ينقل لبنتين لبنتين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه هذه الكلمة على ما رواه أبو سعيد الخدري لعكرمة مولى ابن عباس ولعلي بن عبد الله بن عباس، وهو في كتاب الجهاد والسير من صحيح البخاري: ك ٥٦ ب ١٧ ج ٣، صـ ٢٠٧، وقد كان معاوية يعرف من نفسه أنه لم يكن منه البغي في حرب صفين؛ لأنه لم يردها، ولم يبتئدها، ولم يأتِ لها إلا بعد أن خرج علي من الكوفة، وضرب معسكره في النخيلة ليسير إلى الشام كما تقدم، ولذلك لما قتل عمار قال معاوية: إنما قتله من أخرجه. وفي اعتقادي الشخصي أن كل من قتل من المسلمين بأيدي المسلمين منذ قتل عثمان، فإنما أثمه على قتلة عثمان لأنهم فتحوا باب الفتنة، ولأنهم واصلوا تسعير نارها، ولأنهم الذين أوغروا صدور المسلمين بعضهم على بعض، فكما كانوا قتلة عثمان فإنهم كانوا القاتلين لكل من قتل بعده، ومنهم عمار، ومن هم أفضل من عمار كطلحة والزبير، إلى أن انتهت فتنتهم بقتلهم عليًّا نفسه، وقد كانوا من جنده، وفي الطائفة التي كان قائما عليها. فالحديث من أعلام النبوة. والطائفتان المتقاتلتان في صفين كانتا طائفتين من المؤمنين، وعلي أفضل من معاوية، وعلي ومعاوية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن دعائم دولة الإسلام. وكل ما وقع من الفتن قائمة على مورئي نارها؛ لأنهم السبب الأول فيها، فهم الفئة الباغية التي قتل بسببها كل مقتول في وقعتي الجمل وصفين وما تفرع عنهما. "خ".
٢٩٤ سيأتي الكلام على هذا عند الكلام على الصلح بين الحسن ومعاوية. "خ".

<<  <   >  >>