للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تسيير عثمان مثيري الفتنة إلى معاوية بالشام]

وقد كانوا أثاروا فتنة، فأخرجهم عثمان بالاجتهاد، وصاروا في جماعتهم.


وسماعهم دفاعه واقتناعهم، تخلف في المدينة الأشتر وحكيم بن جبلة "الطبري ١٢٠: ٥" وفي ذلك شبهة قوية بأن لهما دخلًا في افتعال الكتاب المزور على أمير المؤمنين، ولما جاءت عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة، وأوشكوا أن يتفاهموا مع أمير المؤمنين علي على رد الأمور إلى نصابها كان حكيم بن جبلة هو الذي أنشب القتال؛ لئلا يتم التفاهم والاتفاق "الطبري ١٧٦: ٥، وما بعدها" وارتكب دناءة قتل امرأة من قومه سمعته يشتم أم المؤمنين عائشة فقالت له: يا ابن الخبيثة أنت أولى بذلك، فطعنها فقتلها "الطبري ١٧٩: ٥" وحينئذ تخلى قومه عن نصرته إلا الأغمار منهم، وما زال يقاتل حتى قطعت رجله، ثم قُتِل وقتل معه كل من كان في الواقعة من البغاة على عثمان، ونادى منادي الزبير وطلحة بالبصرة: ألا من كان فيكم من قبائلكم أحد ممن غزا المدينة، فليأتنا بهم" فجيء بهم كما يجاء بالكلاب فقتلوا، فما أفلت منهم إلا حرقوص بن زهير السعدي من بني تميم "الطبري ١٨٠: ٥". روى عامر بن حفص عن أشياخه قال: ضرب عنق حكيم بن جبلة رجل من الحدان، يقال له ضخيم، فمال رأسه فتعلق بجلده فصار وجهه في قفاه "الطبري ١٨٢: ٥". "خ".
١٥٤ من النخع، وهي قبيلة يمنية من قبائل مذحج. بطل شجاع من أبطال العرب، كان أول مشاهده الحربية في اليرموك، وفيها فقد إحدى عينيه. ثم شاء أن يكون سيفه مسلولًا على إخوانه المسلمين في مواقف الفتنة. ولو أنه لم يكن ممن ألب على أمير المؤمنين عثمان، وكتب الله أن تكون وقائعه الحربية في نشر دعوة الإسلام وتوسيع الفتوح، لكان له في التاريخ شأن آخر.
والذي دفعه في هذا الطريق غُلُوُّه في الدين وحبه للرئاسة والجاه، ولست أدري كيف اجتمعتا فيه. والأشتر أحد الذين اتخذوا الكوفة دار إقامة لهم، فلما كانت إمارة الوليد بن عقبة على الكوفة كان الأشتر يشعر في نفسه بأنه أهل للولاية والرئاسة. فأنزلق مع العائبين على الدولة ورجالها من الخليفة الأعلى في المدينة إلى عامله على الكوفة الوليد بن عقبة. ولما سرق أبو زينب وأبو مورع خاتم الوليد من منزله وذهبا به إلى المدينة، فشهدا على الوليد بشرب الخمر كما تقدم في صـ ٧٦ أسرع الأشتر وآخرون معه بالذهاب إلى المدينة لتوسيع دائرة الفتنة، حتى إذا عزل عثمان الوليد سعيد بن العاص عاد الأشتر مع سعيد إلى الكوفة "الطبري ٦٣: ٥". وكان عثمان قد سن نظام مبادلة الأراضي، فمن كانت له أرض من الفيء في مكان بعيد عنه يبادل عليها بأرض قريبة منه بالتراضي بين المتبادلين. وبهذه الطريقة تخلى طلحة بن عبيد الله عن أسهمه في خيبر واشترى بها من فيء أهل المدينة بالعراق أرضًا يقال لها النشاستج "الطبري ٦٤: ٥". وبينما كان سعيد بن العاص في دار الإمارة بالكوفة والناس عنده أثنى رجل على طلحة بن عبيد الله بالجود، فقال سعيد =

<<  <   >  >>